أقول :
لمّا ذكر أنّ النفس تتوقّف على استعداد المزاج عرّف المزاج بأنّه كيفيّة متوسّطة بين كيفيّات متضادّة متفاعلة بعضها في بعض ، تكسّر كلّ واحد (١) منها سورة الآخر حتّى تستقرّ الكيفيّة المتوسّطة ، مثلا الحارّ عشرة أجزاء والبارد خمسة أجزاء ، فإنّ سورة كلّ واحد منهما تنكسر بالآخر ، ويحصل كيفيّة هي الفتورة نسبتها إلى الحرارة والبرودة كنسبة الأجزاء إلى الأجزاء (٢).
واعلم أنّ عند امتزاج العناصر لا بدّ وأن تفعل كلّ واحد منها في الآخر ، فالفاعل إن كان هو الكيفيّة والمنفعل هو الكيفيّة كان المغلوب غالبا إن كان أحد الأمرين (٣) متقدّما وإلّا لزم حصول كلّ واحد من الممتزجين على صرافته حال انكساره ، هذا خلف ، فإذن (٤) الفاعل هو الصورة والمنفعل هو المادّة في الكيفيّة.
وقد ذهب قوم من القدماء إلى أنّ عند الامتزاج تفسد الصورة وتوجد صورة اخرى للممتزج ، وهو باطل وإلّا كان فسادا لتلك الصورة وكونا لهذه الصورة ، ولم يكن امتزاجا ، هذا خلف (٥).
قال :
سؤال : الفاعل الصورة بواسطتها. جواب : المنفعل المادّة فيها لا (٦) هي.
__________________
(١) في «ب» : (واحدة).
(٢) انظر الشفاء (الطبيعيّات) ٢ : ١٣٣ ، المعتبر في الحكمة ٢ : ١٧٢ ، الأسرار الخفيّة للمصنّف : ٣٤٢.
(٣) في «س» : (الأثرين).
(٤) في «س» : (فإنّ).
(٥) الشفاء (الطبيعيّات) ٢ : ١٣٣ ، المباحث المشرقيّة ٢ : ١٦٢ ، الأسرار الخفيّة للمصنّف : ٣٤٥.
(٦) في «د» : (ألا).