أقول :
هذا الإلزام على التفسير الثاني ، وهو حمل الإعادة على إعادة النفس إلى بدن آخر ، واختلف الناس في صحّة التناسخ فأثبته قوم ونفاه آخرون.
واحتجّ النفاة بأنّه لو صحّ التناسخ لزم اجتماع نفسين على بدن واحد ، وهذه الملازمة إنّما تظهر بعد مقدّمات :
إحداها : أنّ النفس حادثة.
الثانية : أنّ أصل العلّة في حدوثها مجرّد قديم.
الثالثة : أنّ ذلك الأصل موجب عامّ الفيض.
الرابعة : أنّ المحدث لا بدّ له من استعداد وحامل ذلك (١) الاستعداد هو المادّة.
وهذه (٢) المقدّمات قد مضى بيانها.
الخامسة : أنّ مادّة النفس (٣) البدن ، وذلك إنّما هو ببيان أنّ النفس بسيطة.
السادسة : أنّ عند حصول العلّة التامّة يجب حصول المعلول ، وقد مضى أيضا بيان هذه المقدّمة.
إذا عرفت هذا فنقول : لو صحّ انتقال النفس من بدن إلى بدن حادث لزم اجتماع نفسين على ذلك البدن الحادث ، لأنّ النفس حادثة ، فعلّة حدوثها إن كانت بتمامها قديمة لزم قدمها ، فلا بدّ وأن تكون حادثة والأصل قديم ، والحادث هو القابل أعني المادّة ، ومادّة النفس البدن ، فعلّة حدوث النفس هو العقل الفعّال مع حدوث
__________________
(١) في النسخ : (لذلك).
(٢) في «د» : (فهذه).
(٣) في «ر» زيادة : (هي).