القليل بمساويه (١) أولى من مساويه الآخر ، والثاني باطل لأنّ من عبد الله تعالى ألف سنة ثمّ عزم على شرب الخمر لزم أن يحبط الله كلّ ذلك ، وهو قبيح عقلا (٢) لقوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) (٣) وإذا ثبت استحقاق الثواب فلا بدّ من إيصاله إليه ، ولنفيه (٤) قبل التعذيب اتفاقا فهو بعد التعذيب ، فالخلود باطل (٥).
أقول :
لمّا ذكر الحقّ من أنّ الفاسق غير مخلّد ، أجاب عن الآيات التي يستدلّون بها من قوله : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها) (٦) وغيرها من الآيات بوجه إجماليّ ، وهو التأويل بأنّ (٧) الخلود يطلق على اللبث المتطاول جمعا بين الأدلّة.
واستدلّ على وجوب انقطاع العقاب عنه بأنّه قبل فسقه مستحقّ للثواب وبعد الفسق إن لم يستحقّ العقاب فهو المطلوب ، وإن استحقّ العقاب فلا بدّ من إيصال الثواب إليه لأنّ العقاب المتأخّر لا يسقط الثواب المتقدّم ، وذلك إنّما تبيّن (٨) بعد إبطال مذهبي أبي علي وأبي هاشم من الإحباط والموازنة. أمّا أبو هاشم فإنّه قال :
__________________
(١) في «ب» «د» : (لمساويه).
(٢) في «ب» «س» زيادة : (و).
(٣) الزلزلة : ٧.
(٤) في «ب» «د» «ر» «س» : (وليس).
(٥) تلخيص المحصّل : ٣٩٧.
(٦) النساء : ٩٣.
(٧) في «ر» : (فإنّ).
(٨) في «ر» : (يتبيّن).