قال :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله الواحد في ذاته ، المتفرّد في صفاته ، واهب العقل (١) لبريّته ، ومكلّفهم السلوك إلى محجّته (٢) ، وصلّى الله على أشرف خلقه (٣) محمّد النبيّ ، وعلى أكرم ذرّيّته وأطيب عترته.
وبعد : فهذه رسالة في علم الكلام ، تشتمل على جواهره ، وتحتوي على نوادره ، في غاية الإيجاز والاختصار ، مجنبة الإطالة (٤) والإكثار ، وقد احتوت على مسائل
__________________
(١) العقل عند الجمهور يطلق على معان ثلاثة ، فيطلقون العقل على صحّة الفطرة الأولى في الإنسان فيكون حدّه بأنّه قوّة بها يكون جودة التمييز بين الأمور الحسنة والقبيحة ، ويطلقون العقل على ما يكتسبه الإنسان بالتجارب من الأحكام الكليّة فيكون حدّه معان مجتمعة في الذهن تكون مقدّمات ليستنبط بها المصالح والأغراض ، ويطلقون العقل على معنى أخر ، وحدّه أنّه هيئة محمودة للإنسان في حركاته وسكناته وكلامه وأخباره ، فيحتمل أن يكون مراد شيخنا قدّس الله روحه الطاهرة كلّ واحد من هذه المعاني ، والعقل عند الحكماء يطلق على معان آخر لا نطول بذكرها.
(٢) قلت : المحجّة ليس السلوك إليها ، بل السلوك فيها ، فلو قال : سلوك محجته كان أولى ، ويمكن أن يقال : «إلى» بمعنى «في» قال الشاعر :
ولا تتركني بالوعيد كأنّني إلى |
|
الناس مطلي به القار أجرب |
(البيت للنابغة الذبياني كما في أدب الكاتب لابن قتيبة الدينوري : ٥٩٤).
(٣) في «ر» : (خليفته) ، وفي «س» : (خليقه).
(٤) في «س» : (عن الإطالة).