والفرق بين التذكّر والنظر حاصل فإنّ التذكّر ربّما يحصل من غير قصد المتذكّر ، فالعلم التابع له لا يكون متولّدا عنه بل يحدثه الله تعالى. أمّا النظر فإنّه إنّما يحصل بقصد الناظر ، فإن صحّ هذا الفرق بطل القياس ، وإلّا منعوا الحكم في الأصل.
وقالوا : إنّ التذكّر يولد العلم كالنظر (١).
قال :
و (٢) المطلوب معلوم من وجه دون (٣) آخر (٤).
أقول :
هذا جواب عن إشكال (٥) مقدّر ، وهو أن يقال : النظر محال لأنّ الناظر طالب فالمطلوب إن كان معلوما استحال طلبه وإلّا لزم تحصيل الحاصل ، وإن كان مجهولا استحال طلبه لاستحالة توجّه النفس بالطلب نحو شيء لا شعور لها به (٦) البتّة.
والجواب أنّه معلوم من وجه دون وجه ؛ أمّا في التصوّرات فأن (٧) يكون التصور (٨) تصوّرا ناقصا والمطلوب استكماله (٩) ، وأمّا في التصديقات فأن (١٠)
__________________
(١) انظر شرح المقاصد ١ : ٢٣٧.
(٢) الواو ليست في «أ» «د».
(٣) في «ف» زيادة : (وجه).
(٤) لمّا عرّف النظر وذكر أنّه يفيد العلم وأقاويل العلماء في كيفيّة إفادته أورد جوابا عن سؤال مقدّر تقريره أن يقال : النظر محال إلى آخره.
(٥) في «د» : (سؤال).
(٦) (به) ليست في «أ».
(٧) في «أ» «ج» «د» «ر» «ف» : (بأن).
(٨) (التصوّر) ليست في «د».
(٩) في «أ» : (استعماله).
(١٠) في «ج» «د» «ر» «ف» : (بأن).