كان هذا القول ضعيفا لأنّا سنبيّن أنّ بعض الممكنات واقعة لا من الله تعالى.
وذهب القاضي أبو بكر (١) وإمام الحرمين (٢) إلى أنّ العلم لازم للنظر (٣) لزوما واجبا لكنّه (٤) غير متولّد عنه (٥) ، وهذا القول لا بأس به.
قال :
وقياسهم على التذكّر وهم وبينهما فرقان.
أقول :
اعلم أنّ الأشاعرة ردّوا قول (٦) المعتزلة بالتولّد بالقياس ، وتقريره : أنّ التذكّر لا يولّد العلم اتفاقا فيكون النظر غير مولّد للعلم بالقياس عليه ، وهذا القياس وهم لأنّه (٧) لا يفيد اليقين ، على أنّ القياس إنّما يتمّ على تقدير عدم الفرق ، أمّا على تقدير ثبوته فلا.
__________________
(١) هو محمّد بن الطيب الباقلاني من كبار متكلمي الأشاعرة ، ولد في مدينة البصرة سنة ٣٣٨ هجريّة وسكن بغداد وتوفي بها سنة ٤٠٣ هجريّة ، وله مناظرات مع الشيخ محمّد بن محمّد بن النعمان المعروف بالشيخ المفيد ذكرها في الفصول المختارة ، وله تأليفات عديدة منها : «إعجاز القرآن» و «الإنصاف» و «التمهيد» و «كشف الأسرار الباطنيّة» (الأنساب للسمعاني ١ : ٢٦٥ ، العبر في خبر من غبر ٢ : ٢٠٧).
(٢) هو أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني الملقّب بإمام الحرمين من كبار متكلّمي الأشاعرة ، وكان على مذهب الشافعيّة ، ولد في مدينة جوين الإيرانيّة عام ٤١٩ هجريّة وتوفي عام ٤٧٨ هجريّة ، له كتب عديدة منها : «الشامل في أصول الدين» مطبوع بتحقيق عبد الله محمود محمد عمر ، ومنها : «الكافية في الجدل» مطبوع أيضا بتحقيق خليل منصور.
(٣) في «أ» «د» : (النظر).
(٤) في «ف» : (البتة).
(٥) الشامل في أصول الدين للجويني : ١٤ و ١٧ وحكاه عنهما التفتازاني في شرح المقاصد ١ : ٢٣٩.
(٦) في «ف» : (أقوال).
(٧) (لأنّه) ليس في «أ» «د» «س».