والمحاكمة بين الطرفين فتأمل
(السادس) الظاهر أنه لا يعتبر في صدق المشتق وجريه على الذات حقيقة التلبس بالمبدإ حقيقة وبلا واسطة في العروض كما في الماء الجاري ، بل يكفي التلبس به ولو مجازا ومع هذه الواسطة كما في الميزاب الجاري فإسناد الجريان إلى الميزاب وان كان إسناداً إلى غير ما هو له وبالمجاز إلا أنه في الإسناد لا في الكلمة ، فالمشتق في مثل المثال بما هو مشتق قد استعمل في معناه الحقيقي وان كان مبدؤه مسندا إلى الميزاب بالإسناد المجازي ولا منافاة بينهما أصلا كما لا يخفى ، ولكن ظاهر الفصول بل صريحه اعتبار الإسناد الحقيقي في صدق المشتق حقيقة
______________________________________________________
(التنبيه السادس)
(١) (قوله : والمحاكمة بين) يعني إن أراد من يدعي اعتبار قيام المبدأ بالذات ما يعم القيام بنحو العينية فهو في محله وإن أراد ما لا يعمه ففيه المنع (٢) (قوله : لا يعتبر في صدق المشتق) لفظ المشتق تارة يستعمل في المفهوم وأخرى في المصداق كقولك جاءني عالم تريد زيداً (والأول) تارة يكون موضوعا كقولنا العالم من تلبس بالعلم وأخرى محمولا كما يقال زيد عالم ثم إن الذات المجرى عليها المشتق في الأول والمحمول عليها في الثاني ان كانت متلبسة بالمبدإ حقيقة فلا إشكال في كون استعمال المشتق حقيقة وان لم تكن متلبسة به حقيقة فإجراء المشتق أو حمله عليها بماله من المعنى الحقيقي لا يمكن ان يكون حقيقة بل لا بد من التصرف في لفظه بأن يراد منه معنى مجازي أو في اسناده بادعاء كون الذات مصداقا لمفهومه كما يراه السكاكي في باب الاستعارة وحينئذ فيصح أن يقال لا يعتبر في استعمال لفظ المشتق حقيقة تلبس الذات بالمبدإ حقيقة لإمكان استعماله حقيقة مع التصرف في جريه وحمله وهذا ظاهر جداً (٣) (قوله : في الميزاب الجاري) إذ الجريان ليس قائما بالميزاب بل بالماء لكن في كون الماء من الواسطة في العروض تأملا عرفته سابقا (قوله : ولا منافاة)