ان الموجب لعبادية هذه المقدمات لو كان هو الأمر النفسيّ ـ كما ذكر ـ لا وجه للاكتفاء بقصد الأمر الغيري «وتوضيح» الدفع أن قصد الأمر الغيري ليس لأنه باعث على ذات العمل الموجب لعباديته بل لأنه باعث على إطاعة الأمر النفسيّ الاستحبابي لأن الأمر الغيري قد عرفت انه يتعلق بما هو مقدمة والمقدمة من هذه الأفعال ما كان في نفسه عبادة فالعبادية مفروضة في رتبة سابقة على الأمر الغيري وليست آتية من قِبله حتى يكون هو المقصود لذات العمل بل هو المقصود للإتيان به بنحو عبادي أعني بقصد امتثال امره النفسيّ (فان قلت) : إذا كان الأمر الغيري يدعو إلى موافقة الأمر النفسيّ كان في غير رتبة الأمر النفسيّ فيمتنع ان يكون أحدهما مؤكدا للآخر لأن الوجود المتأكد وجود واحد في رتبة واحدة وقد تقدم ان الوجوب الغيري يؤكد الوجوب النفسيّ (قلت) : ذات الأفعال من حيث هي مقدمة للغاية كما ان صدورها عن دعوة الأمر الشرعي مقدمة أخرى فيتعلق الوجوب الغيري بكل منهما فالوجوب المتعلق بذوات الأفعال يكون مؤكداً للاستحباب والوجوب المتعلق بطاعته يكون بمنزلة الحكم له فيكون في غير رتبته. ثم قد يستشكل على المصنف (ره) «تارة» بأن الدفع بذلك لا يطرد في التيمم لعدم استحبابه النفسيّ (وأخرى) بأنه يقتضي نية الندب بعد دخول الوقت كما قبله مع أن المعروف تعين نية الوجوب ، بل عن العلامة (ره) في جملة من كتبه لزوم الاستئناف لو دخل الوقت في الأثناء ، بل الظاهر أن نية الوجوب لا إشكال فيها ومرادهم منها بنحو الداعي لا داعي الداعي ، ويمكن دفع الأول بأنه مصادرة فليكن هذا الإشكال كاشفا عن استحبابه ، والثاني بأنه لا يجدي ما لم يكن إجماعا معتبراً مع أن المحكي عن جماعة خلافه ، وعن المدارك انه لم يقم دليل على نفي الإجزاء ، ومثله ما عن غيره فراجع نعم يمكن الإشكال عليه بأن الأمر الغيري لا يعقل أن يدعو إلى طاعة الأمر النفسيّ الاستحبابي بل الفعل الواقع في الخارج إما أن يكون عن دعوة الأمر النفسيّ أو عن دعوة الأمر الغيري ، وداعي الداعي في باب الإطاعة ممتنع كما أوضحناه فيما علقناه على مباحث