يختار المكلف تارة إتيانه بعد وجود تمام مقدماته وأخرى عدم إتيانه فكيف يكون اختيار إتيانه غرضاً من إيجاب كل واحدة من مقدماته مع عدم ترتبه على عامتها فضلا عن كل واحدة منها (نعم) فيما كان الواجب من الأفعال التسبيبية والتوليدية كان مترتباً لا محالة على تمام مقدماته لعدم تخلف المعلول عن علته ، ومن هنا قد انقدح أن القول بالمقدمة الموصلة يستلزم إنكار وجوب المقدمة في غالب الواجبات والقول بوجوب خصوص العلة التامة في خصوص الواجبات التوليدية (فان قلت):
______________________________________________________
لترتب الغرض على فعلها حينئذ والوجوب منوط بغرضه ولا يلتزم به أحد (وكون) الواجب النفسيّ لا يترتب على كل واحدة من المقدمات بل المترتب عليها أثر يمكن به حصول الواجب النفسيّ (مسلَّم) إلا أنه لا ينافي كون الغرض من وجوب كل واحدة من المقدمات الوجود الفعلي للواجب النفسيّ إذ لا يعتبر في الغرض ان يكون مرتبا على موضوع الأمر مستقلاً بل يجوز أن يكون مرتباً عليه ضمناً ، ومن المعلوم أن المقدمات في ظرف اجتماعها يترتب الأثر على مجموعها بنحو يكون لكل واحدة منها دخل ضمني نظير تحريك العشرة للحجر الواحد فان حركة الحجر مستندة إلى حركة كل واحد منهم ضمنا وإن كان كل واحد منهم لا يترتب على حركته مستقلا حركة الحجر (١) (قوله : يختار المكلف تارة) وحينئذ يترتب على تمام مقدماته (٢) (قوله : وأخرى عدم) يعني فلا يترتب على تمام مقدماته (٣) (قوله : يكون اختيار إتيانه) هذا ما ادعاه القائل بالمقدمة الموصلة وإنما ادعى أن نفس إتيانه غرض للوجوب الغيري فإذا لم يؤت به لعدم اختياره لم يترتب الغرض (٤) (قوله : عدم ترتبه على عامتها) هذا لا ينافي كونه غرضاً للأمر بها إذ لا يعتبر في الغرض أن يكون مترتبا على ذات المأمور به مطلقا كما تقدم في الأوامر العبادية (٥) (قوله : يستلزم إنكار) هذا الاستلزام انما يتم لو كان المراد من الموصلة الفاعلة للإيصال أما لو كان المراد ما يترتب الواجب على وجودها ولو لاجتماع تمام ما له الدخل في وجوده فلا يتم فان مقدمات الأفعال الاختيارية إذا اتفق ترتب الواجب عليها