تامة وكان المحمول فيها منتسباً إلى شخص اللفظ ونفسه غاية الأمر انه نفس الموضوع لا الحاكي عنه ، فافهم فانه لا يخلو عن دقة ، وعلى هذا ليس من باب استعمال اللفظ بشيء ، بل يمكن أن يقال : إنه ليس أيضا من هذا الباب ما إذا أطلق اللفظ
______________________________________________________
افترسه سبع ، وقد يكون مؤلفا من سنخين من المذكورات كما لو أومأت إلى شخص فقلت : صديقي ، ونحوه من أنحاء التأليف ، وتشترك جميع هذه الأنواع في كون الحاكي فيها غير المحكي خارجاً وذهنا فانيا فيه فناء الحاكي في محكيه ، وقد يكون بعض أجزاء القضية غير محتاج إلى حاكٍ يحكي عنه لحضور صورته في الذهن بتوسط وقوع الحس على وجوده الخارجي ويكون الجزء الآخر للقضية لفظاً كما ترى الحاسب للحيوانات أو غيرها يقول ـ كلما مرّ به واحد منها ـ : واحد ، اثنان ، ثلاثة ، فان القضية الأولى يحكيها الفرد الخارجي من الغنم مثلا مع قول الحاسب : واحد ، والثانية يحكيها الفردان من الغنم مع قوله : اثنان ، وهكذا وقد يكون الجزء الآخر كتابة كما ترى الجندي مكتوبا على (قلنسوته) اسم منصبه فتكون القضية مركبة من جزء بنفسه حاكٍ عن نفسه وجزء آخر محكي بالكتابة ، وقد يكون بتوسط لفظ حاكٍ عنه في كلام غير المتكلم كما إذا قيل : من هذا ، فتقول : زيد ، فان (زيد) خبر عن المشار إليه الحاكي عنه اسم الإشارة في كلام السائل ، ولا حاجة في أمثال هذه المقامات إلى التقدير ، ومنها موارد حذف الفعل والفاعل والمبتدأ والخبر والأفعال المستتر فيها الضمير وجوباً ، والتقدير في كلام النحاة في أمثال هذه المقامات من باب المحافظ ، على قواعد الفن ، ففي المقام نقول : إذا قال : زيد لفظ ، ولم يقصد من زيد معنىً وقصد حمل اللفظ عليه فهو قضية مؤلفة من وجود الموضوع خارجا الموجب لحضور صورته ذهناً ولفظ المحمول ، هذا في القضية الحاكية أما القضية الذهنية فإجزاؤها الثلاثة تامة وليس هذا من استعمال لفظ في معنىً ولا من اتحاد الدال والمدلول ، بل من باب إيجاد شيء بقصد إحضار صورته في الذهن لتكون موضوعا للقضية الذهنية (قوله : بل يمكن ان يقال)