تمهيد :
توصّلنا فيما سبق من أبحاث إلى إثبات وجود الله سبحانه بطرق مختلفة (خمسة أدلّة عقلية رئيسة) إضافةً إلى طريق الفطرة الذاتية.
الآن وبعد الإيمان بأصل وجوده سبحانه فإنّ البحث يدور حول معرفته ، والموضوع المهمّ فيه هو بحث التوحيد والوحدانية ، لأنّه من جهة يعتبر أصلاً لبقية الصفات ، ومن جهة اخرى يشكّل الأساس في كلّ الأديان السماوية خصوصاً القرآن حتّى أنّ أغلب ما تتضمّنه هذه الكتب السماوية بصدد وجود الله تدور حول محور هذا البحث ، إلى الحدّ الذي ظنّ فيه البعض بأنّ القرآن لا يتحدّث عن (أصل وجود الله) بل إنّه يتحدّث عن توحيده والاستدلال على ذلك ، وهذا الكلام مبالغ فيه.
ومن جهة ثالثة تُستمدّ جميع العقائد الإسلامية والأحكام والقوانين والامور الاجتماعية والأخلاقية والعبادية من هذا الأصل ، لذلك أولى القرآن الكريم اهتمامه الخاصّ لقضيّة (التوحيد والشرك) وعكس القرآن برمّته النظرية الإسلامية بهذا الصدد ، بل يمكن القول بعدم وجود موضوع حَظِيَ بهذه الدرجة من الإهتمام في القرآن الكريم مثلما حظي بها ذلك الموضوع.
كما أنّ قضيّة التوحيد ومحاربة الشرك لم تكن محوراً أساسياً في حركة الرسول الأكرمصلىاللهعليهوآله فحسب ، بل وفي حركة سائر الأنبياء عليهمالسلام.
بهذا التمهيد نطّلع أوّلاً على عِظم معصية الشرك في القرآن المجيد ، ثمّ نذكر الأدلّة القرآنية المختلفة على إثبات حقيقة التوحيد وبطلان الشرك.
في البدية نتأمل خاشعين في الآيات الآتية :