والآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَىءٍ عَلِيمٌ). (الحديد / ٢ ـ ٣)
٣ ـ (يَاصَاحِبَي السِّجنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفرِّقُونَ خَيرٌ أَمِ اللهُ الوَاحِدُ القَهَّارُ). (يوسف / ٣٩)
جمع الآيات وتفسيرها
الله شاهد على وحدانية ذاته :
تمّ تفسير آية البحث الاولى في مباحث (برهان الصدّيقين) السالفة ونمرّ عليها هنا باختصار.
إنَّ مضمون هذه الآية هو أنّ الله عزوجل يشهد على وحدانيته وكذلك الملائكة والعلماء (كلّ واحد بشكل) : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لَاإِلهَ إِلَّا هُوَ وَالمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ).
ومن علامات وحدانية ذاته المقدّسة هي حاكمية النظم والعدل على الكون ، ولعلّ الآية تشير إلى هذا الجانب في ذيلها : (قَائِماً بالْقِسْطِ) ثمّ تستند إلى وحدانية ذاته المقدّسة مرّة اخرى وتقول : (لَاإِلَهَ إِلَّا هُوَ العَزيزُ الحَكيمُ).
ومن البديهي أنْ لو كانت ثمّة آلهة تحكم الكون ، فإنّ منطقة كلّ إله لا تكون في اختيار الثاني ، وبتعبير آخر يكون كلّ واحد فاقداً لقدرة الثاني ، وهذا لا ينسجم اتّصافه ب (العزيز).
كما أنّ حكمته التي تحكم العالم آية اخرى على وحدانيته ، فلو تعدّدت الأكوان كانت نهايتها الفساد والدمار.
أمّا كيفية شهادة الملائكة بوحدانية الله عزوجل فإنّها واضحة ، ولكن هناك كلام بين المفسّرين حول كيفية شهادة الله على وحدانية ذاته ، فبعض يقول : المراد هو الشهادة اللفظية التي وردت في آيات قرآنية مختلفة ، وبعض يقول : إنّ آثار وحدانيته ظاهرة في عالم الوجود في الآفاق والأنفس لأنّ النظام الوحد هو الحاكم على الجميع وهذا هو معنى شهادة الله على وحدانيته.
إنَّ كلّ ذلك صحيح ، ولكن تضاف إليها شهادة اخرى وتستحقّ التفصيل فيها وهي أنّ ذاته المقدّسة بنحو يأبى التعدّد ، وجود لا نهاية له ، والوجود اللانهائي واحد فقط ، فذاته إذن دليل