عقيدة المشركين العرب في أنّ الملائكة بنات الله ، أجل ، إنّها ومن أجل نفي هذه الامور كلّها وأمثالها تقول : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ).
ومن المسلّم به أن يكون للوجود الذي له ولد أو والد شبيه ومثيل ، لعدم إمكانية إنكار الشبه بين الأب والإبن ، وعليه لا يمكن أن يكون واحداً ولا مثيل له.
ولذا يقول بعد هذه الآية : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوَاً أَحَدٌ).
وعليه فإنّ الآيات الثلاثة من هذه السورة تؤكّد على أحدية الله المقدّسة ووحدانيته وعدم الشبيه والمثيل له ، وبعبارة اخرى تكون كلّ آية في هذه السورة تفسيراً للآية السابقة لها ، وبمجموعها أوضحت مسألة التوحيد بشكل جامع وتامّ وتجسّدت شجرة التوحيد الطيّبة بكلّ أغصانها وأوراقها.
* * *
توضيحات
١ ـ المفهوم الدقيق لتوحيد الذات
يذهب الكثير إلى أنّ : معنى توحيد الذات هو أنّ الله واحد وليس إثنين ، وهذه العبارة غير صحيحة وغير مطابقة لما ورد في الرواية عن أمير المؤمنين عليهالسلام في تفسير هذه الآيات ، لأنّ مفهومها الواحد العددي (أي أن يتصوّر الثاني لله عزوجل ولكن لا وجود خارجي له) ومن المسلّم أنّ هذا كلام غير صحيح ، والصحيح هو أن يقال : إنّ توحيد الذات هو أنّ الله واحد ولا يتصوّر له الثاني ، وبعبارة اخرى : إنّ الله لا شبيه له ولا نظير ولا مثيل ، فلا يشبهه شيء ولا هو يشبه شيئاً لأنّ هذا الوجود اللامتناهي الكامل هو الذي يتّصف بهذه الصفة.
ولذا نقرأ في حديث عن الإمام الصادق عليهالسلام حينما سأل أحد أصحابه : أي شيء أكبر من الله؟ فأجاب : «الله أكبر من كلّ شيء» ، ثمّ قال الإمام عليهالسلام : «فكان ثَمَّ شيء فيكون أكبر منه؟!» ، فقال : فما هو (ما المراد من هذه الكلمة)؟ فأجابعليهالسلام : «الله أكبر من أن يوصف» (١).
__________________
(١) معاني الأخبار للصدوق ، ص ٧ ، ح ١.