وربوبية المسجود له) ، وذكر سجود الملائكة لآدم وسجود اخوة يوسف بين يديه كشاهدين على ذلك.
وفي المقابل اعتبر بعض آخر أنَّ الاستغاثة والتوسل بالنبي صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام وطلب الشفاعة وأداء الاحترام لهم ، شركاً ، واعتقدوا بأنّ فاعله مشرك.
وفي الحقيقة أنّه لا يمكن التوفيق بين هاتين العقيدتين.
وللإيضاح نقول : إنّ حقيقة العبادة كما نقلنا عن اللغويين في بداية البحث في شرح المفردات هي : الخضوع المطلق وغاية التواضع والتذلّل أمام المعبود ، وهذا العمل مختصّ بالله من وجهة نظر إسلامية ويكون شركاً في العبادة إن كان موجّهاً إلى معبود آخر.
وبعبارة اخرى إنّ للخضوع والتواضع درجات ، درجة منها تحدث أمام الأصدقاء ويقابلها التكبّر عليهم ، ودرجة اخرى تكون أمام أفراد محترمين كالوالدين كما يقول القرآن : (واخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ). (الاسراء / ٢٤)
والدرجة الأكمل تكون أمام الأنبياء والأئمّة المعصومين عليهمالسلام حتّى أنّ المسلمين لم يحقّ لهم رفع أصواتهم فوق صوت النبي صلىاللهعليهوآله بدليل قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَاتَرفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِىِّ وَلَا تَجهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهرِ بَعضِكُم لِبَعضٍ) (الحجرات / ٢) ولكن آخر مرحلة من الخضوع والتواضع والتذلّل التي نطلق عليها كلمة العبادة والعبودية هو (السجود).
وعليه فإنّ الخضوع المطلق وغاية التذلّل (وإن لم يقترن الإعتقاد بالربوبية والمملوكية) يكون عبادة ومختّصاً بالله ولهذا لا يجوز السجود لغيره.
ولصاحب تفسير (المنار) في تفسير سورة الحمد كلام في معنى العبادة ملخّصه : أنَّ العبادة ضربٌ من الخضوع بالغٌ حدَّ النهاية ، ناشىء عن استشعار القلب عظمة المعبود لا يعرف منشأها ، واعتقاده بسلطة له لا يدرك كنهها وماهيّتها ، وقصارى ما يعرفه منها أنّها محيطة به ولكنّها فوق إدراكه ، فمن ينتهي إلى أقصى الذلّ لملك من الملوك لا يقال أنّه عبده وإن قبَّل موطىء أقدامه ، ما دام سبب الذلّ والخضوع معروفاً وهو الخوف من ظلمه المعهود،