ليس شركاً كما يظنّ الوهّابيون ، بل إنّ اعتقادهم يمثّل أسوء ألوان الشرك ، لأنّنا لو اعتبرنا ذلك شركاً لكان الإعتقاد بأصل وجود الموجودات شركاً أيضاً.
وهكذا فإنّ الإعتقاد بقدرة الإنسان وتأثيره بعد رحيله من الدنيا لا يعدّ شركاً ، لأنّ الإنسان لا يكون جماداً بعد موته.
ثمّ إنّ اعتقاد الوهّابيين يتّسم باللاإنسانية حيث ينزلون الإنسان منزلة الحيوان الطبيعي وهو الذي اعتبره الله خليفة له وأعلى منزلة من الملائكة الذين سجدوا له.
وهنا نصل إلى حقيقة الحديث الشهير الوارد عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ويقول فيه ما نصّه : «إنّ الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء ، في ليلة ظلماء» (١).
والطريف أنّ الردّ على الوهّابيين موجود في الآية التي يستدلّون بها على إنكار الشفاعة و (التوسّل) ، لأنّ القرآن الكريم يقول : (فَلَا تَدعُوا مَعَ اللهِ احَداً). (الجن / ١٨)
ويعني المثيل الذي يكون في عرضه وعلى هيئة الموجود المستقلّ كذاته المقدّسة ، ولكن إذا كان تأثيره بإذنه وأمره لا في عرضه فإنّ ذلك ليس شركاً فحسب بل فيه تأكيد جديد على أصل التوحيد الذي ينتهي كلّ شيء إليه.
وهذا يشابه ما طلبه اخوة يوسف من أبيهم يعقوب وكان نبيّاً عظيماً وقد تقبّل ذلك منهم حيث قالوا : (يَاأَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا). (يوسف / ٩٧)
فاستجاب لهم وقال : (سَوفَ أَسْتَغفِرُ لَكُم رَبِّى). (يوسف / ٩٨)
هذه هي حقيقة التوحيد في العبادة ، وتوحيد الأفعال التي ستتمّ الإشارة إليها وليس كما يظنّه الوهّابيون المتحجّرون.
__________________
(١) مقدمة في الرؤية الكونية للشهيد المطهري ، ص ١١٣ (مع الإختصار).