وتضيف : (لَاالهَ إِلَّا هُوَ).
لأنّ اللائق للعبادة هو الذي يكون (ربّاً) أي مالكاً ومربّياً ومدبّراً لكلّ شيء ، وللمزيد من التأكيد وإقامة دليل آخر على إنحصار المعبود فيه تضيف الآية : (خَالِقُ كُلِّ شىءٍ) ، ثمّ تستنتج لتقول : (فَاعْبُدُوهُ).
ولقطع كلّ أمل بغير الله وصدّ البشر عن التعلّق بعالم الأسباب وإجتثاث جذور الشرك تقول الآية : (وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىءٍ وَكِيلٌ).
كلمة (شيء) كما يقول اللغويون : تعني كلّ أمر يمكن أن يناله علم الإنسان (١) ، إلّاأنّها في آية البحث تعني كلّ الموجودات ما سوى الله سبحانه.
وعلى أيّة حال فإنّ لهذه الكلمة مفهوماً واسعاً يشمل كلّ الموجودات المادّية والمجرّدة والذهنية والخارجية والجوهر والعرض ، وباختصار : إنّها تشمل كلّ شيء ، وهذه الآية دليل واضح على عمومية الخلق الإلهي بالنسبة لكلّ شيء.
وقد وقع هنا نزاع معروف بسبب شمول (شيء) لأعمال الإنسان بين جماعة تقول بالجبر ـ كالفخر الرازي ـ حيث يقول : (إنّ أعمالنا داخلة في كلمة (شيء) أيضاً ، فالله إذن هو خالقها) ، وهذه الآية دليل على الجبر عندهم ، ولكن المؤيّدين لحريّة الإرادة لهم إجابة واضحة ومستدلّة وستأتي في الإيضاحات.
وقد استدلّت جماعة بهذه الآية على نفي الصفات الزائدة على الذات في مواجهة الأشاعرة القائلين بأنّ الله ذو صفات منفصلة عن ذاته ، فلو كان الأمر كذلك فإنّ كلمة (شيء) تشملها ويجب ـ حينئذ ـ أن تكون مخلوقة لله ، ولا معنى لأن يخلق الله صفاته كالقدرة والعلم و... ولا ينسجم هذا مع وجوب الوجود أساساً.
فأجاب بعض الأشاعرة بتخصيص عموم الآية بأن نقول : إنّ (خالق كلّ شيء) لا يشمل صفات الله! ولكن الآية تأبى الإستثناء ولم يرد عليها أي تخصيص كما سنبيّن ذلك بإذن الله.
* * *
__________________
(١) هذه الكلمة مصدر (شاء) وتكون تارةً بمعنى اسم الفاعل وتارةً بمعنى اسم المفعول (فتأمّل جيدّاً).