مسؤول عن عمله وليس بمجبر.
وعليه لا يكون الإعتقاد بحرية إرادة الإنسان شركاً في الخالقية.
وبعبارة أوضح : مثلما يرتبط أصل وجود الإنسان بالله تعالى والإيمان بوجود الإنسان لا يستلزم الشرك فأفعاله كذلك.
والأشاعرة كأنّهم يرون أصل وجود الإنسان مستقلاً في حين أنّ هذا نوع من الشرك ، وإلّا فإنّ الوجود التابع إن لم يتعارض مع التوحيد فإنّ الأفعال التابعة للإنسان لا تكون معارضة للتوحيد أيضاً.
ولا بأس أن يتوضّح هذا البحث بضرب مثال :
جاء إنكار الأشاعرة للعلّية والسببية نتيجة لتوهّم وقوع الشرك ، أي إذا اعتبرنا الإحراق من النار فانّهم يقولون : إنّ هذا شرك! في حين يبقى هذا السؤال : أليس الإعتقاد بوجود أصل النار أمام وجود الله شركاً؟
سيقولون : لا حتماً ، لأنّ هذا الوجود تابع لذاته المقدّسة (كالضوء المنبعث من المصباح المتوقّف على ارتباطه بالطاقة الكهربائية ويطفأ عند انقطاعها) ، ونذكر هذا الكلام ذاته في تأثير الأسباب ونقول : إنّها تكون في النهاية تابعة لله تعالى ، وقدوة الإنسان واختياره تابع له أيضاً ، وعليه فإنّ التوحيد يحتفظ بمعناه تماماً في هذا المجال ، فالله خالق كلّ شيء مع ثبوت أصل العلّية والحرية في إرادة الإنسان.
وستأتي إيضاحات أكثر بهذا الشأن في بحث الجبر والإختيار ، بإذن الله.
* * *