٣ ـ الحركة في (الوضع) نظير حركة الأرض حول نفسها.
٤ ـ الحركة في (الكيفية) نظير التغيّر التدريجي في لون وطعم ورائحة الفاكهة في الشجرة.
وكانوا يعتقدون بعدم وجود حركة في غير هذه الموضوعات الأربعة (غير ممكنة في جوهر الأشياء من باب أولى) فكان فلاسفة اليونان لا سيّما (ارسطو) وأتباعه وكذلك بعض الفلاسفة المسلمين ومنهم ابن سينا وآخرون يعتقدون باستحالة الحركة في الجوهر ، وكما قلنا في البحث الماضي : إنّهم كانوا يتصوّرون أنّ ذات المتحرّك هي من أركان الحركة ، ويعتقدون بأنّ الحركة لا مفهوم لها ما لم يوجد موجود ثابت يتعرّض للحركة.
ولكن صدر المتألّهين (الفيلسوف الإسلامي الشهير) قدّم نظرية جديدة وقال : بأنَّ الحركة في الجوهر ليست غير مستحيلة فحسب بل لا يمكن أن توجد حركة في الاعراض ما لم تكن مستندة إلى حركة في الجوهر.
وبتعبير آخر إنّ (الحركات العرضية) تنشأ من (الحركة في الجوهر) ، قال صدر المتألّهين : لماذا نفترض هنا أمراً ثابتاً؟ وما المانع من أن يكون (الجوهر) متحرّكاً في ذاته؟ بمعنى أنّه يفقد نفسه باستمرار ويكتسب تشخيصاً جديداً.
هذا الموضوع يبدو عجيباً لأوّل مرّة ـ طبعاً ـ لأنّه يستلزم أن يكون (المتحرّك) مع (الحركة) شيئاً واحداً ، وأن يكون الموجود نفسه سبباً لتحرّكه ، لكنّه يقول : لو دقّقنا قليلاً لوجدنا أنّ الأمر ليس عجيباً فحسب بل هو أمر لازم وملفت للنظر أيضاً.
ويصُرّ صدر المتألّهين على أنّ أصل الحركة الجوهرية موجود في أقوال السلف ويذهب إلى أبعد من ذلك حيث يستعين بآيات قرآنية كشواهد على هذا الموضوع (كي لا تكون حداثة هذه النظرية سبباً لنزاع المعارضين كما هو الحال في أيّة نظرية جديدة).
ولو افترضنا أنّ هذه النظرية ليست جديدة ، غير أنّ عرضها بهذه السعة يعتبرُ أمراً جديداً.
* * *