الحياة والموت وتقول : (وَمَن يُخرِجُ الحَىَّ مِنَ المَيِّتِ ويُخرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَىِّ) ، فهل هذا من فعل الأصنام أيضاً؟!
والآية في آخرها بعد ذكر المسائل المهمّة الثلاث (الأرزاق السماوية والأرضية ، السمع والبصر ، الحياة والموت) تذكر القضيّة بصورة كليّة وجامعة وتقول : (ومَنْ يُدَبِّرُ الْامرَ).
ومن المسلّم به أنّهم لو راجعوا عقولهم وضمائرهم لم يكن لهم جواب إلّاأنْ يقولوا الله : (فَسَيَقُولُونَ اللهُ).
ثمّ تقول الآية خذ من هذا الجواب مستمسكاً وقل : (أَفَلَا تَتَّقُونَ).
إنّ جميع الأرزاق المعنوية والماديّة للإنسان وتدبير العالم كلّه قد اجتمعت في الحقيقة في هذه الآية ، فإنّ الأرزاق الماديّة إمّا تكون من السماء أو من الأرض ، والأرزاق المعنوية عادةً تكون عن طريق البصر والسمع اللذين ينقلان العلوم الحسّية والعقلية والنقلية إلى الإنسان ، وتدبير العالم يشمل هذه كلّها وغيرها ، فمن يستطيع أن يدّعي أنّ العباد الضعفاء أو الموجودات الحقيرة كالأصنام هي الخالقة لهذه الأرزاق والمدبّرة لهذه الامور؟ إنَّ توحيد الربوبية ليس قضيّة معقّدة حتّى بالنسبة لعبّاد الأصنام فيما لو فكّروا قليلاً.
والتعبير ب (يملك السمع والأبصار) يمكن أن يكون إشارة إلى خلقها أو حفظ نظامها وتدبيرها أو هذه الامور كلّها.
* * *
من مجموع الآيات المذكورة والآيات المشابهة لها في القرآن الكريم وهي كثيرة وواسعة نحصل على هذه الحقيقة ، وهي أنّ القرآن الكريم يعرّف الله القادر المتعال بأنّه هو المالك والمربّي والمدير والمدبّر لعالم الوجود كلّه وكلّ شيء ، وكلّ موجود في السماء والأرض والعرش والكرسي والبشر في الزمان الحاضر والماضي ، ونقول بصراحة لا ربّ لعالم الوجود غيره.