وهذا الاختلاف هو ما نطلق عليه عنوان تفاوت (الزمان).
من خلال نظرة سطحية وابتدائية للزمان فانّه يبدو واقعاً مستقلاً عن الموجودات ووعاء للحوادث ، ولكن لو افترضنا ـ ولو للحظة واحدة ـ عدم وجود الموجودات المادية لوجدنا أنّ الزمان لا مفهوم له ، وبتعبير أوضح (الزمان) (وليد المادة) أو (الزمان) هو (مقدار الحركة).
ومن جهة اخرى إذا اعتقدنا بأنّ الموضوعات التي تقع فيها الحركة تنحصر في الموضوعات الأربعة السابقة فانّه يعني أنّ الموجود الفاقد لهذه الحركات ، أي لا يلحظ وجود للحركة في ظاهره ، فإنّ هذا الموجود ينبغي أن لا يكون زمانياً ، في حين أنّ وجداننا يحكم بأنّا نشعر بالزمان رغم عدم هذه الحركات الرباعية ، وليس ذلك إلّالأنّ المادّة ذات حركة في ذاتها لكي تتقبّل أجزاء الزمان.
هذه هي أهمّ الأدلّة لدى أنصار الحركة الجوهرية وقد اعتمدنا الاختصار في عرضها.
وهناك سؤال لا يزال قائماً عند البعض : كيف يمكن أن نتصوّر أنّ (المتحرّك) هو عين (الحركة) مع عدم وجود موضوع للحركة مطلقاً؟! وكيف يمكن التصديق بشيء يكون تصوّره محل سؤال؟
والعجيب أنّ القائل بالحركة الجوهرية بنفسه تتملكه الحيرة أمام هذه المعضلة العويصة ، وتتباين أقواله ممّا يدلّ على أنّ حلّها غير يسير (١).
وباختصار أنّ أبحاث الحركة الجوهرية بأجمعها تتفرّع عن قابلية تصوّر الحركة بدون موضوع ، ويقول البعض : إنّ هذا أمر غير معقول ، كما يعتقد البعض أنّ تصوّر هذا المعنى يقتضي إخلاء الذهن والإبتعاد عن المفاهيم التي يأنس الإنسان بها في مجال الحركة حتّى يتصوّر وجوداً هو عين الحركة والمتحرّك والحركة واحدة ، كانت هذه خلاصة عن أبحاث الحركة.
* * *
__________________
(١) للمزيد من المعرفة حول هذا الأمر راجع كتاب الأسفار في بحث الحركة أو دروس المرحوم الشهيد مطهّري حول بحث الحركة في الأسفار ، ج ١ ، ص ٤٤٧.