القيامة (١) وليس بأيدينا أي دليل على تحديد معنى الآية ، وقلنا مراراً : إنّ خصوصية المورد لا تمنع عمومية مفهوم الآية.
وعليه فإنّ الآية أعلاه تشمل توحيد حاكمية الله في عالم التكوين وفي عالم التشريع والتقنين والحكومة والقضاء (في تفسير الميزان إشارة إلى عمومية مفهوم الآية) (٢).
وينبغي ملاحظة أنّ عبارة (له الحكم) تدلّ على الحصر من جهتين : إحداهما من جهة أنّ (له) مقدّم ، والاخرى من جهة أنّ كلمة (الحكم) جاءت مطلقة أي أنّها تشمل أنواع الحاكمية كلّها.
والجدير ذكره أنّ انحصار المالكية في الله لا يمنع من أن يضعها الله في اختيار الأنبياء والأئمّة المعصومين وعباده الصالحين ، فالبحث يدور حول المبدأ الأصلي للحاكمية ، كما أنّ إختصاص الحمد والثناء في ذاته المقدّسة لا يمنع من أن يثني الإنسان على العباد الصالحين أو الوالدين أو المعلّم ، فهم يمثلون الواسطة في النغمة ولابدّ من ملاحظة أنّ هذه الامور كلّها من الله وهذا هو معنى توحيد الحاكمية.
* * *
الآية الثامنة تتحدّث أوّلاً عن توحيد العبادة ثمّ توحيد الحاكمية حيث تقول : (وَلَا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لَاإِلَهَ إِلَّا هُوَ) ثمّ تقول بما يتضمّن الدليل على هذا الحكم : (كُلُّ شَىءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) وتضيف أخيراً : (لَهُ الحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).
هذه الآية تخصّص العبادة في الله وهكذا البقاء والحكم والقضاء وإن اعتبر البعض الحكم فيها بمعنى الحكم التكويني وإرادة الله النافذة في كلّ شيء ، واعتبرها البعض الآخر بمعنى القضاء يوم القيامة.
وقال البعض : إنّ الحكم هنا له جانب تشريعي فقط ، غير أنّ الإطلاق هو الظاهر من الآية
__________________
(١) تفسير روح المعاني ، ج ٢٠ ، ص ٩٢.
(٢) تفسير الميزان ، ج ١٦ ، ص ٧٠.