والتنفيذية والقضائية) نشأت من الله ومن ثمّ انتقلت إلى الأنبياء وأوصيائهم ثمّ الصالحين والعلماء في الامم.
لابدّ أن يشعر هؤلاء الحكّام بالمسؤولية أمام الله عزوجل ، ويراعوا رضاه قبل كلّ شيء ، وأن يكونوا خُداماً مخلصين وامناء لعباده.
إنّ مثل هذه الحكومة وبوحي من الرسالة الإلهيّة يمكنها قيادة البشر ، لا أن تكون تابعة لأهواء هذا أو ذاك ولرغباتهم المنحرفة والمشوبة بالمعاصي.
ومن الممكن أن يقال : إنّ الحكومة الإسلامية إذن ليس لها بعد شعبي بل هي أكثر ما تكون نوعاً من دكتاتورية الصالحين ، ولكن هذا خطأ كبير لأنّ مبدأ الشورى الذي تقرّر في الشرائع التوحيدية كقضيّة أساسية في الحكومة وأكّد عليها النصّ القرآني ويشهد له فعل نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله وهو صاحب مقام (العقل الكلّ) يدلّ على أنّ الله هو (مالك الملك) و (أحكم الحاكمين) وهو الذي أمر بالمشورة مع الناس في أمر الحكومة وإشراكهم في هذا الشأن.
من هنا تكون الحكومة التوحيدية والإسلامية حكومة (شعبية دينية) ويعني ذلك الإهتمام بآراء الناس بأمر إلهي وذلك في إطار مباديء العقيدة والأحكام الإلهيّة طبعاً ، وسيأتي تفصيل هذا الكلام بشكل كامل في مباحث الحكومة في الإسلام بإذن الله.
النتيجة هي أنّ الناس ـ مثلاً ـ عندما يتوجّهون إلى صناديق الإقتراع في الحكومة الإسلامية لانتخاب رئيس الجمهورية أو نوّاب المجلس فانّهم يلاحظون هذه النقطة وهي أنّهم امناء الله تعالى ، فالواجب هو أن يضعوا هذه الوديعة الإلهيّة التي تسمى بالحكومة في يد من تتجسد به القيم الالهيّة ، وإلّا فانّهم يخونون الأمانة.
قوله تعالى : (انَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ). (النساء / ٥٨)
وقد ورد في الروايات الإسلامية ، إنّ إحدى المصاديق المهمّة للأمانة هي الحكومة ، وقد تأكّد هذا الأمر في تفسير الدرّ المنثور حيث قال : (حقّ على الإمام أن يحكم بما أنزل الله وأن يؤدّي الأمانة) (١).
__________________
(١) تفسير درّ المنثور ، ج ٢ ، ص ١٧٥.