المفكّر الشهير (دونالد روبرت كار) والمتخصّص في (الكيمياء الحياتية) كاتب كتاب (الأرض) وهو كتاب يعيّن عمر الأرض بحساب كاربون الإشعاع الطبيعي : «لو كان العالم أزليّاً وأبديّاً لما وجدنا عنصراً مشعّاً وذلك لتبدلّه إلى عناصر مستقرّة» (١).
ونستنتج من ذلك أنّ العلوم الطبيعية تثبت حدوث العالم أيضاً بطرق مختلفة ، ومن هنا تتّضح ضرورة وجود خالق أزلي أبدي لتفسير ظهور عالم الوجود.
وبتعبير أوضح : نّ اضمحلال المادّة (الانتروبي) دليل على أنّ للعالم تاريخاً ينبىء عن بداية حدوثه ، فلو كان عالم المادّة أزليّاً لكان قد مضى عليه زمان غير محدود ، ولكانت الحرارة فيه متساوية وانعدم النشاط فيه وتعرّض للفناء.
ويشبه هذا إذا وضعنا وعاءً مليئاً بالماء الحارّ في غرفة ، فما دامت الحرارة في الوعاء تختلف عن حرارة الجوّ فإنّ الهواء حوله يكون متحرّكاً باستمرار ويزداد حرارة ويتصاعد إلى الأعلى ويحلّ محلّه الهواء المجاور له وهذا يحدث حركة مستمرّة في الفضاء المجاور ، وعندما تتساوى الحرارة في الغرفة فلن تكون أيّة حركة.
وهذا هو مصير العالم أخيراً ، والحركة الموجودة حالياً دليل على عدم مرور زمان لا محدود عليه ، أي أنّ له تاريخ ظهور وحدوث.
وهو يشبه الأواني المستطرقة المتصلة فإذا سكبنا الماء في أحدها فانّه سوف يتحرّك في الأواني كلّها حتّى يتساوى فيها وبذلك يحلّ السكون ، ويقول العالم الفلكي (استونتر) : «قام العلم باحتساب أعمار الكثير من الأشياء مثل : عمر الأرض ، والصخور الشهابية ، والقمر والشمس ، والمجرّة وأخيراً عمر الدنيا ، والعمر اللازم ـ لتركيب العناصر المختلفة وتفكّكها ـ وظهر أنّ هذه الأعمار متقاربة وتقدّر ب ٦٠٠٠ مليون سنة منذ بداية حدوث العالم» (٢).
* * *
__________________
(١) كتاب إثبات وجود الله ، لادوارد لوثر كيسل ، ص ١٥٥.
(٢) المصدر السابق ، ص ١٦٠.