باطلة ، لأنّ الحادث إن لم يحتج إلى علّة فإنّ كلّ موجود يجب أن يوجد في كلّ زمان وأي ظرف ، في حين نرى بوضوح أنّ الأمر ليس كذلك ، حيث يحتاج كلّ حادث لحدوثه إلى توفّر الشرائط والظروف الخاصّة.
وهكذا بطلان الفرضية الثانية وهي (أن يكون الشيء نفسه علّة لوجوده) يعتبر أمراً بديهياً ، لأنّ العلّة يجب أن تكون قبل المعلول ولو كان الشيء علّة لنفسه فلابدّ أن يكون موجوداً قبل وجوده ممّا يستلزم اجتماع (الوجود) و (العدم) وهو ما يطلق عليه بالمصطلح العلمي (الدور).
وهكذا بالنسبة لبطلان الفرضية الثالثة ، حيث يكون معلول الشيء علّة لوجوده ، وهو أمر واضح لا يحتاج إلى توضيح.
وأمّا بطلان الفرضية الرابعة التي تعني استمرار سلسلة العلل والمعلولات إلى ما لا نهاية فانّه بحاجة إلى إيضاح : (التسلسل) يعني استمرار سلسلة العلل والمعلولات إلى ما لا نهاية وهذا باطل عقلاً لأنّ كلّ معلول يحتاج إلى علّة ، ولو إستمرّت هذه السلسلة إلى ما لا نهاية ولم تنته بواجب الوجود فانّه يعني أنّ مجموعة من ذوات الحاجة غير محتاجة ، في حين أنّ ما لا نهاية من الفقراء والمحتاجين محتاجون حتماً.
فلو تراكمت ما لا نهاية من الظلمات لا تتحوّل إلى (نور) ، وما لا نهاية من (الجهل) لا يكون (علماً) ، وما لا نهاية من (الأصفار) لا يكون (رقماً).
لابدّ إذن من انتهاء سلسلة العلل والمعلولات إلى موجود يحتاج شيئاً آخر .. وجود مستقلّ وغني ، وجوده من ذاته ، وبعبارة أصحّ أن يكون عين الوجود والوجود المطلق.
وممّا ذكر نستنتج أنّ وجود الممكنات والحوادث في العالم لابدّ أن ينتهي بوجود واجب أزلي نسمّيه (الله) سبحانه وتعالى.
* * *