يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٧٣) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٧٤)) [آل عمران : ٣ / ٧٢ ـ ٧٤].
والمعنى : قالت جماعة من أهل الكتاب لأتباعهم : آمنوا بمحمد أول النهار ، واكفروا آخره ، فإن سئلتم عن السبب ، قولوا : آمنا ، حتى إذا رجعنا إلى التوراة والإنجيل ، عرفنا أنه ليس النبي المبشر به في التوراة ، فلعل ذلك يكون مدعاة لرجوع من آمن بمحمد عن دينه ، وقالوا لأتباعهم أيضا : ولا تطمئنوا أو تظهروا سركم وما عندكم إلا لمن تبع دينكم ، ولا تظهروا ما بأيديكم إلى المسلمين ، فيؤمنوا به ويحتجوا به عليكم ، فلا تظهروا ما عندكم للمسلمين حتى يتعلموه منكم ، أو يتخذوه حجة عليكم بما في أيديكم ، فتتغلب حجتهم عليكم في الدنيا والآخرة ، فرد الله عليهم بأن الله هو الذي يهدي قلوب المؤمنين إلى أتم الإيمان ، بما ينزل على رسوله من الآيات البينات ، أي ليس إظهاركم للحق أو إخفاؤكم ، له دخل في الهداية ، بل الهداية من الله وتوفيقه ، والفضل بيد الله ، يؤتيه من يشاء ، ويختص برحمته من يشاء ، كإعطاء النبوة لمحمد ، والله دائما ذو الفضل العظيم.
وهذا تكذيب لليهود في قولهم : نبوة موسى مؤبدة ، ولن يؤتي الله أحدا مثل ما آتى بني إسرائيل من النبوة والشرف. إن النبوة اصطفاء واختيار من الله ، لا من أجل مصلحة أحد ، وإنما للمصلحة العامة.
الأمانة والأيمان عند اليهود
لقد أنصف القرآن الكريم اليهود ، فأخبر أنهم قسمان في الأمانة وحلف الأيمان ، فمنهم من يتصف بالأمانة التامة ، ومنهم من يتصف بالخيانة وعدم الوفاء بالعهد