الحياة في الآخرة بعد الموت في الدنيا ؛ لأنه الذي خلقنا في مبدأ الخليقة من طين ، فأوجد أبانا آدم عليهالسلام ، ثم تكاثرت ذرّيته في المشارق والمغارب ، كما خلق سائر أحياء الأرض ، وجعل الحياة مقيدة بين بداية معينة من الميلاد ، ونهاية محددة بالوفاة. وصار قضاء الله أجلين : الأول : ما بين أن يخلق الإنسان إلى أن يموت ، والثاني : ما بين الموت والبعث ، وهو حياة البرزخ ، حياة القبر. وبالرغم من قيام هذه الدلائل على وحدانية الله والبعث ، يشكّ الكفار في إعادة الخلق أو البعث يوم القيامة مرة أخرى. وهيّأ الله تعالى للإنسان في حياته ظروف المعيشة مع ضعفه وعجزه ، ومن قدر على ابتداء الخلق من الطين ، فهو على الإعادة أقدر وأهون عليه.
وهناك دليل آخر على وجود الله ووحدانيته : أن الله لم تنته مهمته بخلق السماوات والأرض ، وإنما هو دائم الوجود والهيمنة والسيطرة ، والقائم في السماوات والأرض المعبود فيها ، المعروف بالألوهية ، يعبده ويوحّده كل من في السماوات ومن في الأرض ، ويسمّونه الله ، ويدعونه رغبا ورهبا إلا من كفر من الجن والإنس : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) يعلم السّر والجهر ، ويستوي في علمه سبحانه الخفاء والعلانية ، ويعلم جميع أعمالكم خيرها وشرّها ، ويجازي الناس جميعا عليها ، فهل بعد هذه الأدلة والبراهين أي شك في توحيد الله وقدرته على البعث والحياة الثانية بعد الأولى ، بل والخلود في عالم الآخرة.
أسباب كفر الناس بالله تعالى
العقل والواقع يقضيان بأنه لا يوجد سبب مقبول ولا برهان واضح يسوّغ جحود الناس وكفرهم بوجود الله ووحدانيته ، وإنما الكفر والجحود لون من ألوان المكابرة