باطل أو شرّ ، فإنه لا يأمر إلا بخير ، ولا ينهى إلا عن مفسدة وشرّ ، كما قال الله تعالى عن نبيّه في الكتب السابقة : (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ) [الأعراف : ٧ / ١٥٧].
وكل ما ورد في القرآن من أمر ونهي ، ووعد ووعيد ، وقصص وخبر ، لا تغيير فيه ، ولا تبديل لكلمات الله : وهي كل ما نزّل على عباده ، وهو السّميع لأقوال عباده ، العليم بحركاتهم وسكناتهم ، الذي يجازي كل عامل بعمله.
وقوله تعالى : (لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ) معناه : لا تغيير في معاني الوحي المنزل ، بأن يبيّن أحد أن خبره بخلاف ما أخبر به ، أو يبيّن أن أمره لا ينفذ. ومن أمثلة ذلك : أن الله منع المنافقين من الخروج إلى الجهاد بعد تخلّفهم عن غزوة تبوك ، ولم يبح لهم الخروج (١) ، فقال المنافقون بعد ذلك للنّبي صلىاللهعليهوسلم وللمؤمنين : (ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ) [الفتح : ٤٨ / ١٥] ، فقال الله تعالى لنبيّه صلىاللهعليهوسلم : (يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ) [الفتح : ٤٨ / ١٥]. واستقرّ التشريع على منعهم من الخروج كما قال تعالى : (فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً) [التّوبة : ٩ / ٨٣].
المنع من اتّباع ضلالات المشركين ومن أكل ذبائحهم
لا تلاقي بحال من الأحوال بين شرع الله المحكم والأعدل وبين أنظمة الجاهليين المشركين ، فإن الله تعالى أراد الحق والخير لعباده ، وحذّر من كل معالم الضّلال والشّرك ، لذا أبان سبحانه الحلال والحرام ، ومنع من أكل ذبائح المشركين التي لا يذكر اسم الله عليها ، فإن تلك الذّبائح فسق أي معصية وخروج عن دائرة
__________________
(١) التّوبة : ٩ / ٨٣.