ولكن الإرادتين في الأمر والنهي ليستا من نوعين ، بل من نوع واحد ، غاية الأمر يختلفان باعتبار المراد.
فإن قلت : إنّ القول باجتماع الأمر والنهي يستلزم ما لا يمكن اجتماعهما ، سواء أكانا من الأُمور المتضادة أم من غيرها ، وذلك في مواضع ثلاثة :
١. في مقام الجعل حيث لا يمكن البعث إلى شيء في وقت ، والزجر عنه في نفس الوقت.
٢. في المبادئ حيث إنّ الأمر كاشف عن المحبوبية والمصلحة ، والنهي كاشف عن خلافها.
٣. في مقام الامتثال حيث إنّ بينهما مطاردة من حيث الامتثال والإطاعة ، فامتثال الأمر يكون بالإتيان بالمتعلق ، وامتثال النهي بتركه وليس بإمكان المكلّف الجمع بين الفعل والترك.
قلت : إنّ البحث منصبّ على مسألة وجود التضاد بين الأحكام وعدمه وأمّا البحث عن إمكان اجتماع البعث والنهي وعدم إمكانهما ، أو عن اختلاف المبادي وعدم إمكان اجتماعها ، أو المطاردة في مقام الامتثال فموكول إلى المستقبل وسيوافيك دفع هذه المحاذير.
تحليل المقدّمة الثانية
ذهب المحقّق الخراساني إلى أنّ متعلّق الأحكام هو فعل المكلّف وما هو في الخارج يصدر عنه وهو فاعله وجاعله ، لا ما هو اسمه وهو واضح ، ولا ما هو عنوانه ممّا قد انتزع عنه ، وإنّما يؤخذ في متعلّق الأحكام آلة للحاظ متعلّقاتها والإشارة إليها بمقدار الغرض منها والحاجة إليها ، لا بما هو هو وبنفسه وعلى