الدلالة ، وأمّا وصف الكلّ بالمتشابه ، فالمراد التشابه والتماثل من حيث المضمون حيث إنّ مضمون بعضه يشابه الآخر ويؤكّده ، ويدلّ على ذلك أنّه سبحانه يقول : ( مَثاني ) أي متكرّراً يشبه بعضه بعضاً ، فكم تكرّرت قصة آدم وموسى في القرآن الكريم ، وكم تكررت الآيات المندّدة بالشرك وعبادة الأصنام ، وغير ذلك.
ما هو المراد من الآية المتشابهة؟
اختلفت أنظار المفسّرين في مصاديق المتشابه في الآية الكريمة إلى أقوال ربما يناهض ستة عشر قولاً (١) ، ونحن نذكر منها ما هو المهمّ :
١. المتشابه هو الخارج عن اطار العقل والحسّ
المتشابه عبارة عن الموضوعات الواردة في القرآن الكريم الخارجة عن اطار الحس والعقل والّتي لا يقدر الإنسان على درك حقيقته وكنهه كذاته سبحانه وحقيقة صفاته والعوالم الغيبية كالملك والجنّ والروح والبرزخ والميزان وغير ذلك من الأُمور التي لا يمكن للإنسان الدنيوي درك حقائقها ، بل يُطلب منه الإيمان بها ، لقوله سبحانه : ( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْب ). (٢)
يلاحظ عليه : أنّ النظرية لا تنسجم مع الخصوصيات المذكورة للمتشابه في الآية الكريمة وذلك :
أوّلاً : إنّ المتشابه عبارة عن شيء يشبه الشيء الآخر ، ويصعب للإنسان تمييزهما كالتوأمين والثمار المتشابهة ، وهذا غير كون الشيء مجهول الحقيقة مبهم الماهية لا يدخل في إطار أدوات المعرفة كما مثّل ، فما ذكر من العوالم الغيبيّة
____________
١. مفاتيح الغيب : ٢ / ٤١٧ ؛ المنار : ٣ / ١٦٣ ـ ١٦٥ ؛ الميزان : ٣ / ٣٢ ـ ٣٩.
٢. تفسير المنار : ٢ / ١٦٧ ؛ ولاحظ الإتقان : ٣ / ١ ، وهذه النظرية خيرة ابن تيمية ومن تبعه.