إنّ المكلّف إن كان هو الفرد المردد يلزم تعلّق الإرادة والوجوب بالفرد المردد ، والإرادة لا تتعلّق بالمردد ، سواء أكانت فاعلية أم آمرية.
وإن كان هو جميع الأفراد فلماذا يسقط بفعل واحد منهم؟ وقد أجاب الأُصوليون عن الإشكال بنظريات :
النظرية الأُولى : تعلّق التكليف بعموم المكلّفين
إنّ الواجب الكفائي سنخ من الوجوب وله تعلّق بكلّ واحد ، بحيث لو أخلّ الكلّ بامتثاله لعوقبوا على مخالفته جميعاً ، وإن أتى به بعضهم لسقط عنهم ، وذلك لأنّه قضية ما إذا كان هناك غرض واحد يحصل بفعل واحد صادر عن الكلّ أو البعض. (١)
وحاصل هذه النظرية : انّ الوجوب يتعلّق بعامّة المكلّفين فلا يكون متعلّق الإرادة والوجوب أمراً مردداً ، غير أنّ تعلّقه بالجميع على قسمين :
تارة يكون الغرض متعدداً ويتوقّف حصوله على قيام كلّ واحد من المكلّفين بالواجب كالصلوات اليومية ، فلا يسقط تكليف مكلّف ، بفعل مكلّف آخر ، وأُخرى يكون الغرض واحداً يحصل بقيام واحد منهم ، ومقتضى هذا ، سقوط الواجب بفعل أحد المكلّفين ، ومعاقبة الجميع حين تركهم.
هذا هو ما يركّز عليه صاحب الكفاية ، وكان الأولى أن يضيف إليه شيئاً آخر ويقول : الفرق بين الواجب العيني والكفائي أمران :
الأوّل : ما صرح به صاحب الكفاية من تعدد الغرض في العيني ووحدته في الكفائي.
__________________
١. كفاية الأُصول : ١ / ٢٢٩.