محكمة الدلالة ومبيّن المراد يوصف بالمحكم ، وإذا كانت غير واضحة الدلالة ومتزلزلها توصف بالمتشابه.
وأمّا وصف جميع الآيات بالإحكام فبملاك آخر إمّا المضمون وهو أنّ مضامين القرآن مضامين متقنة لا يتطرق إليه الباطل ، فلا يبلى ولا يخلق بل يكون طريّاً في كلّ عصر أو النظم حيث نظمت نظماً رصيناً لا يقع فيه نقص ولا خلل كالبناء المحكم المرصف. (١)
ويقول العلاّمة الطباطبائي : إنّ الآيات الكريمة القرآنية على اختلاف مضامينها وتشتّت مقاصدها وأغراضها ترجع إلى معنى واحد بسيط ، وغرض فارد أصلي لا تكثّر فيه ولا تشتّت بحيث لا تروم آية من الآيات الكريمة مقصداً من المقاصد ولا ترمي إلى هدف إلا والغرض الأصلي هو الروح الساري في جثمانه والحقيقة المطلوبة منه.
فلا غرض لهذا الكتاب الكريم على تشتّت آياته وتفرّق أبعاضه إلا غرض واحد متوحّد إذا فصّل كان في مورد أصلاً دينياً وفي آخر أمراً خلقياً وفي ثالث حكماً شرعياً ، وهكذا كلّما تنزّل من الأُصول إلى فروعها ومن الفروع إلى فروع الفروع لم يخرج من معناه الواحد المحفوظ ، ولا يخطي غرضه فهذا الأصل الواحد بتركبه يصير كلّ واحد واحد من أجزاء تفاصيل العقائد والأخلاق والأعمال ، وهي بتحليلها وإرجاعها إلى الروح الساري فيها الحاكم على أجسادها تعود إلى ذاك الأصل الواحد. (٢)
هذا كلّه حول الأحكام ، وأمّا التشابه فقد علمت أنّ التقسيم بملاك
__________________
١. الكشاف : ٢ / ٨٩.
٢. الميزان : ١١ / ١٣٦ ـ ١٣٧.