وينتزع من المجموع أنّ التشابه هو كون الشيء على نحو يشتبه لغيره ولا يتميز عنه بسهولة.
إلى هنا تمّ الكلام في معنى المحكم والمتشابه لغة ، وأمّا قرآناً فالميزان في وصف الآية بالإحكام والتشابه هو الدلالة ، فإذا كان الكلام واضح الدلالة ، فهو في الإتقان والرصانة بمكان تمنع عن الاحتمال الآخر ، وهذا بخلاف المتشابه ، فبما أنّ دلالتها ليست على حدّ تمنع عن تشابه المقصود بغيره ، ففي بادئ النظر يرد إلى الذهن وجوه واحتمالات يحتملها لفظ الآية في بادئ النظر. أحدها هو المقصود والباقي ليس بمقصود.
فإن قلت : إنّه سبحانه قسّم في الآية السابقة ، الآيات القرآنية إلى قسم محكم وقسم متشابه مع أنّ بعض الآيات يصف الجميع بالإحكام كما أنّ البعض الآخر يصف الجميع بالمتشابه.
أمّا الأوّل فهو قوله سبحانه : ( الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيم خَبِير ). (١)
وأمّا الثاني فهو قوله سبحانه : ( اللّهُ نَزَّل أَحْسَنَ الحَدِيثِ كِتاباً مُتشابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعر مِنْهُ جُلود الَّذينَ يَخْشون ربّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللّهِ ). (٢)
قلت : إنّ تقسيم الآيات إلى محكم ومتشابه بملاك ووصف جميع الآيات بالاستحكام بملاك آخر.
فالملاك في تقسيم الآية إلى المحكم والمتشابه دلالة الآية ، فالآية إذا كانت
__________________
١. هود : ١.
٢. الزمر : ٢٣.