الطلب فهو يتعلق بوجودها وإليك نصّه ، يقول :
إنّ المراد بتعلّق الأوامر بالطبائع دون الافراد هو انّ الطبائع بوجودها السعي بما هو وجودها ( قبالاً لخصوص الوجود ) متعلّقة للطلب لا أنّها بما هي هي ، كانت متعلّقة لها كما ربما يتوهّم فانّها كذلك ليست إلا هي ، نعم هي كذلك تكون متعلّقة للأمر فانّه طلب الوجود. (١)
يلاحظ عليه : بأنّ كلامه مبني على أنّ الهيئة تدلّ على أخذ الوجود في متعلّق الطلب ، فإذا قال : اسقني ، فمعنى ذلك : اطلب منك وجود السقي ، لكنّه كلام غير تام ، لأنّ الهيئة وضعت للبعث أو الطلب المجرّدين عن الوجود.
فالأولى في الإجابة ما قلنا من أنّ البعث إلى الطبيعة لغاية الإيجاد ، فبما انّ المؤمِّن للغرض هو الوجود فهذا يشكِّل قرينة على أنّ البعث لتلك الغاية.
وربما يجاب عن الإشكال بأنّ الطبيعة تؤخذ مرآة للخارج شأن كلّ المفاهيم فإذا قال : اسقني ، فقد جعل السقي مرآة إلى الحيثية الوجودية والجهة العينية من الطبيعي فيطلب الطبيعي بما هو حاك عن الخارج ومرآة له.
يلاحظ عليه : بما سبق في مبحث الوضع من أنّ الطبيعة لا يمكن أن تكون مرآة إلى الافراد ، لأنّ اللفظ لا يحكي إلا عن معناه ، والمفروض انّ الخصوصيات الفردية خارجة عن الموضوع له ، فكيف تدلّ عليها الطبيعة؟ ومجرّد اتحاد الطبيعة مع المشخّصات الفردية لا يكون سبباً لحكاية الطبيعة عن الملازمات فلابدّ من إرادة المشخّص من لفظ ودالّ آخر ، والمفروض عدمه.
٤. انّ المتلازمين يجب أن يكونا متّحدين في الحكم ، فإذا تعلّق البعث بالطبيعة ، يجب أن يتعلّق بلوازمها وضمائمها.
__________________
١. كفاية الأُصول : ١ / ٢٢٢ ـ ٢٢٣.