.................................................................................................
______________________________________________________
أمرها غيريا ، وقد عرفت : إن الأمر الغيري لا يترتب عليه الثواب ، ولا يعتبر فيه قصد القربة فكيف يترتب عليها الثواب ويعتبر فيها قصد القربة؟
وحاصل الدفع عن الإشكال الأول : أن الطهارات الثلاث ـ مع قطع النظر عن تعلق الأمر الغيري بها ـ عبادات مستحبة ، فترتّب الثواب عليها إنما هو لأجل أمرها الاستحبابي.
أما دفع الإشكال الثاني : ـ اعتبار قصد القربة فيها ـ فيندفع بأنها بما هي عبادات جعلت مقدمة لعبادة أخرى ، فيعتبر في صحتها قصد القربة لكونها من العبادات لا لاقتضاء الأمر الغيري ؛ حتى يقال : إن الأمر الغيري لا يعتبر فيه قصد القربة.
وهناك وجهان آخران : قد تفصّي بهما عن إشكال اعتبار قصد القربة في الطهارات ، مع إنها من المقدمات ، وقد أشار إليهما بقوله : «وقد تفصي عن الإشكال بوجهين آخرين».
وملخص الوجه الأول : إن اعتبار قصد القربة ليس لأجل الأمر الغيري المقدمي ؛ بل لأجل المقدمة العبادية هي مقدمة لا مطلقا بل بعنوانها الخاص ، وحيث لا طريق لإحراز ذلك العنوان إلّا الإتيان بالمقدمة بقصد أمره الغيري فيكون قصد أمرها الغيري إشارة إجمالية إلى العنوان الخاص المأخوذ فيها.
وقد أجاب المصنف عن هذا الوجه بجوابين : الأول : أن هذا الوجه من التفصّي على تقدير تسليم كونه وافيا بدفع إشكال عبادية الطهارات ، لكنه لا يفي بدفع الإشكال من ناحية ترتب الثواب عليها ؛ لأن الأمر الغيري لا يترتب عليه الثواب.
فيبقى إشكال أنه كيف يترتب الثواب على الأمر الغيري؟
أما الوجه الثاني من الجواب : فهو أن يقال : أنه لو كان وجه اعتبار قصد الأمر في الطهارات هو الإشارة إلى العنوان الخاص لجازت الإشارة إليه بقصد الأمر وصفا ؛ بأن ينوي الوضوء مثلا بأن يقال حينما يتوضأ : أتوضأ بالوضوء الواجب بالوجوب الغيري ، ولو كان الداعي شيئا آخر مثل التبريد والتنظيف ، فإن التوصيف أيضا إشارة إلى العنوان الخاص المأخوذ فيها ، فيكون عنوانا مشيرا إلى العنوان الخاص المقوّم لعبادية الطهارات ، فلا يكون الطريق منحصرا في جعل قصد الأمر غاية وداعيا ، مع إن المتعارف بين العلماء هو الحصر أعني : اعتبار قصد الأمر الغيري داعيا وغاية لا وصفا ، فيكون هذا منهم دليلا على إن قصد الأمر الغيري ليس لأجل كونه عنوانا اجماليا ومرآة للعنوان المقوّم لعباديتها ،