.................................................................................................
______________________________________________________
ولا يكون وجوب المقدمة مشروطا بإرادة الواجب كما يوهمه ظاهر صاحب المعالم ؛ لأن وجوب ذي المقدمة ليس مشروطا بالإرادة ، فكيف يترشح الوجوب المشروط بها ، عن الوجوب غير المشروط بها؟
وملخص ما في هذا الأمر الرابع : أنه وقع الخلاف في أن وجوب المقدمة ـ على القول به ـ هل هو مختص بالمقدمة الموصلة ، كما هو ظاهر الفصول ، أو بالمقدمة التي قصد التوصل بها إلى ذيها ، كما هو المنسوب إلى الشيخ الأنصاري ، أو لا يختص بشيء منهما ؛ بل الواجب هو مطلق المقدمة ، كما هو مختار المصنف؟
وحاصل كلام المصنف في المقام هو : أن ملاك حكم العقل بوجوب المقدمة هو : كون الشيء مقدمة للواجب ، ولا تكون إرادة الواجب سببا لحكم العقل بوجوب المقدمة كما يزعم صاحب المعالم ، ولا قصد التوصل علة لوجوبها ، كما زعم صاحب التقريرات ، ولا ترتب ذيها عليها سببا لحكم العقل بوجوبها كما ظن صاحب الفصول ؛ بل الحكم بوجوب المقدمة إنما هو لأجل عنوان المقدمية ، والتوقف.
قوله : «ولا يكون مشروطا بإرادته» إشارة إلى ردّ قول صاحب المعالم.
وقوله : «وأما عدم اعتبار قصد التوصل» إشارة إلى ردّ قول الشيخ ، كما أن قوله : «وأما عدم ترتب ذي المقدمة عليها» إشارة إلى ردّ صاحب الفصول.
٢ ـ نعم يعتبر قصد التوصل في مقام الامتثال لأجل ترتب الثواب على امتثال الأمر الغيري ؛ لا في أصل وجوب المقدمة ، فيقع الدخول في ملك الغير واجبا إذا كان لإنقاذ غريق لا حراما ؛ وإن لم يلتفت المكلف إلى المقدمية والتوقف ، إذ ليس للالتفات إلى التوقف دخل في وجوب المقدمة.
غاية الأمر : يكون متجرئا في الدخول لأنه باعتقاده يرتكب الحرام ، كما أنه مع الالتفات إلى توقف الإنقاذ على الدخول يكون متجرئا بالنسبة إلى ذي المقدمة ؛ أي : الإنقاذ فيما لم يقصد التوصل إليه أصلا ؛ بأن دخل الأرض المغصوبة عالما بالغريق ، بانيا وقاصدا على عدم إنقاذه ، ثم أنقذه ، فإن بناءه هذا كان تجريا ، وإن لم ينقذه كان فاعلا للحرام القطعي.
نعم ؛ إذا لم يأت بالمقدمة بداعي الإنقاذ ؛ بل بداعي آخر كالدخول في الأرض المغصوبة بداعي السياحة ، ثم أكده بقصد التوصل إلى الإنقاذ ، فلا يكون حينئذ متجرئا أصلا.