فإنه (١) إنما يوجب ذلك إذا كان خروجه عنها بما هي كذلك تخصيصا لا مزاحمة ، فإنه معها وإن كان لا تعمه الطبيعة المأمور بها إلّا إنه ليس لقصور فيه ، بل لعدم إمكان تعلق الأمر بما تعمه عقلا ، وعلى كلّ حال : فالعقل لا يرى تفاوتا في مقام الامتثال ، وإطاعة الأمر بها ، بين هذا الفرد وسائر الأفراد أصلا (٢). هذا (٣) على القول بكون الأوامر متعلقة بالطبائع.
______________________________________________________
خطابا لا ملاكا ؛ إذ لا قصور في الملاك ، بل المحذور يختص بمقام الامتثال لعدم القدرة على الجمع بين الضدين ، فلا بد من رفع عن أحد الخطابين وهو المهم.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول : إن خروج الفرد المزاحم عن دائرة الطبيعة المأمور بها يوجب عدم داعوية أمر الطبيعة بالنسبة إليه ؛ إذا كان الخروج لأجل التخصيص دون المزاحمة ، والمفروض : أن الخروج في محل الكلام إنما هو للتزاحم لا للتخصيص.
وكيف كان ؛ فلا تفاوت بين الفرد المزاحم وغيره في الملاك والوفاء بالغرض ، وكان المانع عن شمول الطلب الفعلي المتعلق بالطبيعة مزاحمته للأهم ، ومع وجود الملاك والوفاء بالغرض صح الإتيان بداعي الأمر بالطبيعة ؛ إذ لا تفاوت بنظر العقل الحاكم بوجوب الإطاعة بين هذا الفرد المزاحم وغيره في الوفاء بالغرض الداعي إلى الأمر ؛ وإن لم يتعلق به الأمر لأجل التزاحم.
(١) أي : خروج الفرد المزاحم عن تحت الأمر «إنما يوجب ذلك» أي : عدم صحة الإتيان به بداعي الأمر ، «إذا كان خروجه عنها» أي : عن الطبيعة «بما هي كذلك» أي : مأمور بها «تخصيصا» أي : حتى لا يكون ملاك الأمر موجودا في الفرد الخارج «لا مزاحمة» أي : بأن يكون الملاك موجودا في الفرد المزاحم.
(٢) أي : لكون الفرد المزاحم كغيره في الفردية للطبيعة ، والمحصلية للغرض لوجود الملاك فيه.
(٣) أي : جواز الإتيان بالفرد المزاحم بداعي الأمر المتعلق بالطبيعة «على القول بتعلق الأمر بالطبيعة واضح ، وأما على القول بتعلق الأوامر بالفرد فأيضا واضح ؛ لأن هذا الفرد مشترك مع سائر الأفراد في الوفاء بالغرض ، والاشتمال على المصلحة ، فلا يمتنع عقلا أن يؤتى بهذا الفرد بداعي الأمر المتعلق بسائر الأفراد ، وهذا ما أشار إليه المصنف «قدسسره» : «وأما بناء على تعلقها بالأفراد ، فكذلك» يعني : يصح الإتيان بالفرد المزاحم للأهم بدعوة الأمر المتعلق بغيره على القول بتعلق الأوامر بالأفراد أيضا ؛ وذلك لأن المناط ـ وهو كون المأتي به واجدا لما هو ملاك الأمر مع عدم كونه مأمورا به ـ متحقق على كلا القولين.
وإنما الفرق بينهما هو : أن المأمور به بناء على تعلق الأوامر بالأفراد مباين للفرد