.................................................................................................
______________________________________________________
وحاصل التحقيق : أن الأمر بأحد الشيئين أو الأشياء نظرا إلى الملاك والغرض ثبوتا على قسمين.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن الوجوب سواء كان تخييريا أو تعيينيا تابع للملاك ، والغرض الذي يكون داعيا إلى الأمر بشيء معين في الوجوب التعييني ، وإلى الأمر بشيئين أو أشياء في الوجوب التخييري ، ثم ذلك الملاك والغرض تارة : يكون واحدا يحصل بكل منهما أو منها ، وأخرى : يكون متعددا ؛ بأن يكون لكل واحد من الشيئين غرض مستقل ، فيتعدد الأمر والحكم بتعدد الغرض.
فإذا عرفت هذه المقدمة فنقول : إن الكلام في تصوير التخيير الشرعي في مقام الثبوت ـ على ما هو مختار المصنف ـ يقع في مقامين :
المقام الأول : فرض وحدة الغرض.
والمقام الثاني : تعدده.
وحاصل الكلام في المقام الأول : أن الغرض الداعي إلى الأمر بشيئين أو أشياء واحد ، بحيث يسقط الأمر بحصول ذلك الغرض الواحد ؛ كرفع العطش الحاصل بكل واحد من الإناءين اللذين أحدهما ماء والآخر عصير الفاكهة ، أو كلاهما ماء. فلا بدّ أن يكون الواجب هو الجامع المنطبق على كل واحد منهما ، ويصير التخيير حينئذ عقليا لا شرعيا ، والدليل على ذلك : أن الغرض الواحد ـ وهو الملاك ـ لا يصدر إلّا من الواحد ، فلا يؤثر فيه المتباينان ، أو المتباينات للزوم السنخية بين العلة والمعلول ، وهي ممتنعة بين المتباينين بما هما متباينان ، وبين الغرض الواحد القائم بكل منهما ، فلا محيص عن كون متعلقه جامعا بين المتباينين ، كتعلّق الأمر بالصلاة الجامعة بين أفرادها العرضية والطولية.
ومن المعلوم : أن هذا التخيير بين الأفراد عقلي وليس بشرعي.
غاية الأمر : أنه لمّا لم يكن ذلك الجامع معلوما لدى العقل بمعنى : أن العقل لا يلتفت إليه ليطبقه على أفراده ؛ بيّن الشارع أفراد ذلك الجامع الذي هو الواجب حقيقة ، فأمر بالفردين أو بالأفراد من ذلك الجامع ، فالجامع واجب تعييني ، والتخيير بين أفراده عقلي. هذا تمام الكلام في المقام الأول.
فالمتحصل : أن التخيير يكون عقليا فيما إذا كان هناك غرض واحد وهذا هو مختار المصنف. إذ يأتي تضعيف التخيير الشرعي بفرض تعدد الغرض في المقام الثاني.
وحاصل الكلام في المقام الثاني : أن يكون الأمر بأحد الشيئين أو الأشياء بملاك متعدد ؛