.................................................................................................
______________________________________________________
٢ ـ الجواب عن الإشكال المذكور يتوقف على مقدمة وهي : أن الموارد التي توهم فيها انخرام القاعدة العقلية لا تخلو عن أقسام ثلاثة ؛ فإن كل واحد من المتقدم أو المتأخر إما أن يكون شرطا للتكليف ؛ كالاستطاعة لوجوب الحج ، أو كالقدرة مثلا ، أو لأمر وضعي كالإجازة في الفضولي ، أو للمأمور به ؛ كالأغسال الليلية في صوم المستحاضة.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن المتقدم أو المتأخر ليس بوجوده الخارجي شرطا للتكليف ، وإنما الشرط هو لحاظه وهو مقارن للتكليف.
وكذلك الحال في شرائط الوضع ، فإن الأمور الوضعية كالملكية مثلا لمّا كانت أمورا اعتبارية وانتزاعية فيمكن دخالة أمور متأخرة في اعتبارها وانتزاعها ، وليس معنى ذلك إلّا إن للحاظ هذه الأمور دخلا في اعتبارها ، فالملكية مثلا إنما يعتبرها الشارع والعقلاء بعد لحاظهم تحقق الإجازة ولو في زمان متأخر ، وأما شرائط المأمور به : فمعنى كون شيء شرطا له ليس إلّا كونه دخيلا في صيرورة المأمور به معنونا بعنوان ؛ به يكون حسنا ومتعلقا للإرادة ، وكما يمكن أن يصير الشيء بسبب إضافته إلى أمر مقارن معنونا بعنوان به يكون حسنا ومتعلقا للإرادة ؛ فكذلك يمكن أن يصير بسبب إضافته إلى أمر متقدم أو متأخر معنونا بعنوان حسن موجب لإرادته والأمر به.
فالشرط في الحقيقة ليس هو المتأخر أو المتقدم المعدومين عند تحقق المشروط حتى يقال : بانخرام القاعدة العقلية ؛ بل الشرط هو الوصف المنتزع عن إضافة المأمور به إلى المتقدم أو المتأخر ؛ وذلك الوصف مقارن للمأمور ، فلا يلزم تقدم الشرط أو تأخره عن المأمور به.
٣ ـ شرائط المأمور به بجميع أقسامها داخلة في محل النزاع ؛ بخلاف شرائط التكليف والوضع فهي خارجة عن محل النزاع. أما خروج شرائط التكليف : فلعدم ترشح الوجوب على شرائطه لتأخره عنها. وأما شرائط الوضع : فلعدم الوجوب أصلا حتى يقع النزاع في وجوب مقدماته.
٤ ـ رأي المصنف :
هو : دخول جميع أقسام المقدمة في محل النزاع ؛ أي : من دون فرق بين المقارن والمتقدم والمتأخر ، فيحكم بوجوب الجميع على تقدير الملازمة بين وجوب المقدمة ووجوب ذيها. هذا تمام الكلام في خلاصة البحث.