.................................................................................................
______________________________________________________
الوجه الأول : ـ وهو الدليل على الدعوى الأولى أعني : استحالة رجوع القيد إلى الهيئة ـ أن مفاد الهيئة معنى حرفي غير قابل للإطلاق والتقييد ، لأن الحرف موضوع للمعنى الجزئي الحقيقي ، ومن البديهي : أن الجزئي الحقيقي غير قابل للتقييد ، فيمتنع رجوع القيد إلى الهيئة لعدم قابليته للتقييد.
الوجه الثاني : ـ وهو الدليل على الدعوى الثانية أعني : لزوم كون القيد من قيود المادة لبّا ـ هو : شهادة الوجدان بعدم اشتراط الوجوب والطلب في شيء من الموارد ؛ لأن القيد في جميع تلك الموارد راجع إلى المادة ، وتلك الموارد مذكورة في المتن.
وقد أجاب المصنف عن الوجه الأول بقوله : «أما حديث عدم الإطلاق في مفاد الهيئة ...» إلخ.
وملخص الجواب : أن مفاد الهيئة وإن كان معنى حرفيا إلّا إن المعنى الحرفي عند المصنف كالمعنى الاسمي يكون مفهوما كليا قابلا للإطلاق والتقييد ، فلا مانع من رجوع القيد إلى مفاد الهيئة ، لكونه كليا لا جزئيا حقيقيا. هذا أولا.
وثانيا : لو سلمنا أن الهيئة مستعملة في الفرد من الطلب ؛ إلّا إن الفرد لا يقبل التقييد إذا أنشئ أولا مطلقا ، ثم أريد تقييده ، فلا يعقل انقلاب الشخص المنشأ مطلقا إلى الشخص المقيد. هذا بخلاف ما إذا أنشئ من الأول مقيدا ؛ بحيث يلاحظ القيد والمقيد فيصبّ عليهما الإنشاء مرة واحدة ، فالممتنع هو الأول لا الثاني.
«فإن قلت : على ذلك ...» إلخ أي : على ما ذكرت من كون الشرط قيدا للهيئة ؛ «يلزم تفكيك الإنشاء عن المنشأ» وهو مستحيل ، وهذا الإشكال في الحقيقة دليل ثالث للشيخ على امتناع رجوع القيد إلى الهيئة ؛ بتقريب : أن الإنشاء والمنشأ من قبيل الإيجاد والوجود ، والعلة والمعلول في استحالة الانفكاك ؛ فكما لا ينفك الوجود عن الإيجاد ، والمعلول عن العلة ؛ فكذلك لا ينفك المنشأ عن الإنشاء ؛ لأن الإنشاء علة للمنشإ ، وعلى تقدير كون الشرط قيدا للهيئة يلزم انفكاك الإنشاء عن المنشأ زمانا ؛ لأن الطلب لا يحصل إلّا بعد حصول شرطه ، والمفروض : أن الإنشاء حالي ، والمنشأ ـ وهو الطلب ـ استقبالي فيلزم الانفكاك وهو مستحيل ، فلا محيص عن رجوع القيد إلى المادة كما هو مختار الشيخ.
وحاصل ما أفاده المصنف في الجواب : أن الإنشاء وإن كان علة للمنشإ ؛ إلّا إنه ليس علة تامة في جميع الموارد ؛ بل قد يكون علة ناقصة بأن يكون الإنشاء جزء العلة ،