الحرف ، كما هاهنا ، وإلا (١) لما كان معنى حرفيا كما يظهر وجهه بالتأمل.
وثانيا : تعينه (٢) من بين أنحائه بالإطلاق المسوق في مقام البيان بلا معيّن ، ومقايسته (٣) مع تعين الوجوب النفسي بإطلاق صيغة الأمر مع الفارق ، فإن النفسي
______________________________________________________
(١) أي : وإن تمت مقدمات الحكمة ، وجرت في المعنى الحرفي لما كان معنى حرفيا ، وانقلب إلى المعنى الاسمي ، إذ مورد مقدمات الحكمة هو المعنى الملحوظ استقلالا ، لأن جريانها يستدعي لحاظ المعنى الذي تجري فيها مستقلا حتى يحكم عليه بالإطلاق ، ولحاظ الاستقلالية ينافي لحاظ الآلية المقوّمة للمعنى الحرفي.
(٢) أي : تعين اللزوم بين العلة المنحصرة ومعلولها من بين أنحاء اللزوم بالإطلاق بلا معيّن ،
وهذا هو الوجه الثاني الذي أجاب به المصنف عن إثبات المفهوم بمقدمات الحكمة ، وحاصله : ـ على ما في «منتهى الدراية ج ٣ ، ص ٣٢٢» ـ : أنه بعد تسليم جريانها في المعنى الحرفي ، والإغماض عن الجواب الأول لا يمكن أيضا تعيين العلة المنحصرة بمقدمات الحكمة ، وذلك لأن للعلة المنحصرة خصوصية في مقابل الخصوصيات الأخر ، وفرد للعلة المطلقة التي نسبتها إلى أفرادها نسبة واحدة. فإثبات إحدى الخصوصيات بالإطلاق الذي نسبته إلى جميع هذه الخصوصيات على حد سواء تعيين لأحد الأفراد المتساوية بلا معيّن ، وذلك لتساوي العلة المطلقة بالنسبة إلى جميع أفرادها من العلة المنحصرة وغيرها.
(٣) أي قياس تعين العلة المنحصرة بتعيين الوجوب النفسي بإطلاق صيغة الأمر قياس مع الفارق ، فيكون باطلا بالإجماع. فقوله : «ومقايسته» ناظر إلى قوله : «كما أن قضية إطلاق صيغة الأمر هو الوجوب النفسي».
وحاصل الفرق : أن الوجوب النفسي وجوب مطلق ، بمعنى : أن النفسي واجب مطلقا أي : سواء كان هناك واجب آخر أم لا. فلا مانع من تعيينه بالإطلاق ، هذا بخلاف الوجوب الغيري ، فإنه مشروط بوجوب الغير ، فيحتاج إلى مئونة زائدة مثل : «إذا وجبت الصلاة عليك فتوضأ».
أما العلة المنحصرة فليست كالوجوب النفسي ، لما عرفت من أنها خصوصية في مقابل الخصوصيات الأخر ـ يعني : أنها فرد متساوي لسائر أفرادها ـ ونسبة الإطلاق إلى جميع الخصوصيات واحدة من دون مرجح لخصوص العلة المنحصرة ، فلا يمكن إثباتها بالإطلاق ، فالفرق بينها وبين الوجوب النفسي ظاهر ، وقد أشار إليه بقوله : «فإن الوجوب النفسي هو الواجب على كل حال». فنتيجة الفرق : أنه لا مانع من إثبات الوجوب