يتمكّن المكلّف من التخلّص بدونه ، ولم يقع بسوء اختياره ؛ إمّا في الاقتحام في ترك الواجب أو فعل الحرام ، وإمّا في الإقدام على ما هو قبيح وحرام ؛ لو لا أنّ به التخلّص
______________________________________________________
أن يكون اقتحاما في ترك الواجب أو اقتحاما في فعل الحرام لكونه مصداقا للغصب ، فيكون ترك الواجب أو فعل الحرام على البدل ذا المقدمة ، والاقتحام بكلا قسميه مقدمة للحرام ، ومن المعلوم : أنّ مقدّمة الحرام حرام.
المحرّم الثاني : هو الإقدام على ما هو قبيح عقلا وحرام شرعا ، أعني به : المقدمة المحرّمة كالخروج الذي لو لم يكن مقدمة للتخلّص الواجب كان حراما لكونه غصبا. فقوله : «وإمّا في الإقدام ..» إلخ عدل لقوله : «إمّا في الاقتحام في ترك الواجب أو فعل الحرام».
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول : «إنّ ما به التخلّص عن فعل الحرام» كالخروج الموجب للتخلّص عن الغصب ، فيكون مقدّمة لفعل واجب وهو التخلّص عن الغصب ، أو ما به التخلّص عن ترك الواجب ، كشرب الخمر الموجب للتخلّص عن ترك حفظ النفس ـ وهو واجب ـ «إنّما يكون حسنا عقلا ومطلوبا شرعا بالفعل» لكونه واجبا بالوجوب المقدّمي ؛ لأنّ التخلّص عن فعل الحرام أو التخلّص عن ترك الواجب واجب فيما به التخلّص واجب بالوجوب الغيري لكونه مقدمة للواجب ، وإن كان كل من الخروج وشرب الخمر قبيحا ذاتا لحرمتهما شرعا «إذا لم يتمكّن المكلّف من التخلّص بدونه» أي : بدون ما به التخلّص عن فعل الحرام أو ترك الواجب ، أي : ما به التخلّص عن فعل الحرام ، وترك الواجب وإن كان قبيحا ذاتا يعني : مع الغض عن مقدميّته لفعل واجب أو ترك حرام. هذا إشارة إلى الشرط الأوّل وهو انحصار المقدمة في المقدمة المحرّمة. وقد أشار إلى الشرط الثاني بقوله : «ولم يقع بسوء اختياره» أي : لم يكن الوقوع في الحرام والاضطرار إليه بسوء الاختيار.
وحاصل الكلام في المقام : أن الشرط الأول وإن كان موجودا ومتحققا في محل الكلام إلّا إنّ الشرط الثاني ـ وهو عدم الاضطرار بسوء الاختيار ـ غير ثابت ، لأنّ المفروض : كون الاضطرار إلى ارتكاب الحرام بسوء الاختيار ، فحينئذ المقدميّة لا ترفع حرمة ما يكون مقدمة لفعل واجب ، فلا يكون الخروج الذي يكون مقدمة للواجب ـ أعني التخلّص عن الغصب ـ مأمورا به كما زعمه الشيخ الأعظم «قدسسره» ، بل هو منهي عنه كما هو مختار المصنف «قدسسره». كما أشار إليه بقوله : «هو قبيح وحرام لو لا أن به التخلّص بلا كلام».