للقضية الشرطية مفهوما ، أو ليس لها مفهوم إلا في مقام كان هناك ثبوت سنخ الحكم في الجزاء وانتفاؤه عند انتفاء الشرط ممكنا (١). وإنما وقع النزاع في أن لها (٢) دلالة على الانتفاء عند الانتفاء ، أو لا يكون لها دلالة.
ومن هنا (٣) انقدح : أنه ليس من المفهوم ودلالة القضية على الانتفاء عند الانتفاء
______________________________________________________
وإنشاء وجوب آخر غير معقول لانتفاء المورد والموضوع.
(١) خبر «كان» في قوله : كان هناك ثبوت سنخ الحكم في الجزاء ممكنا.
(٢) أي : «إنما وقع النزاع في أن» للجملة الشرطية «دلالة على الانتفاء عند الانتفاء» كما يدعيه القائل بالمفهوم ، «أو لا يكون لها دلالة» كما يدعيه من لا يقول بالمفهوم.
فتحصل من جميع ما ذكر : أن الجزاء لو كان شخصيا لم يعقل النزاع في المفهوم ، إذ الحكم الشخصي تابع لموضوعه ، فليس ارتفاعه عند انتفاء الشرط من جهة المفهوم ، بل من جهة ارتفاع الحكم الشخصي برفع موضوعه. هذا بخلاف ما لو كان الجزاء كليا فإنه يمكن أن يقع النزاع في أن هذا اللفظ المعلق فيه الكلي على الشرط هل يدل على انتفاء الكلي أم لا يدل؟ بل ساكت عن وجوده وعدمه.
(٣) أي : من اعتبار كون المنفي في المفهوم سنخ الحكم لا شخصه انقدح : أنه إذا قيل مثلا : «وقفت أو ملكت أو أوصيت أو نذرت داري لأولادي إن كانوا فقراء» ينتفي الحكم عند انتفاء الشرط ، ولا يجوز إعطاؤها لغيرهم ، ولكن ليس ذلك من باب المفهوم كما توهم ، بل بضرورة العقل كما عرفت ، حيث تكون دلالة الجملة الشرطية على الانتفاء عند الانتفاء من باب انتفاء شخص الحكم عقلا بسبب انتفاء موضوعه ، والمفهوم عبارة عن انتفاء سنخ الحكم ونوعه في الموارد التي يمكن فيها ثبوت سنخ الحكم في الجزاء عند ثبوت الشرط منطوقا حتى يمكن نفيه مفهوما. وفي الأمور المذكورة لا يمكن ثبوت سنخ الحكم كي يمكن نفيه بالمفهوم.
والوجه في ذلك : إن قصد الواقف الوقف على خصوص الفقراء من أولاده ، فكان الوقف بالقصد المذكور وقفا على خصوص الفقراء منهم ، وليس وقفا على غيرهم لا بهذا الوقف المشخص لانتفائه بانتفاء موضوعه ، ولا بالوقف الشخصي الآخر لامتناع اجتماع وقفين على مال واحد ، مثلا : الدار إذا صارت وقفا على الفقراء فهي لا تقبل أن تصير وقفا على غيرهم بإنشاء آخر ، لتحقق التعارض بين «وقفت داري على أولادي الفقراء» مثلا ، وبين «وقفت داري على أولادي مطلقا» أي : وإن كانوا أغنياء.
فتوهم : أن دلالة الشرطية في مثل الوقف والوصية التمليكية والنذر على المفهوم فاسد جدا ، لأن الدلالة المفهومية إنما تتحقق في الموارد التي يمكن فيها تعليق سنخ الحكم في