وإما بجعل الشرط هو القدر المشترك بينهما ، بأن يكون تعدد الشرط قرينة على إن الشرط في كل منهما ليس بعنوانه الخاص ، بل بما هو مصداق لما يعمهما من العنوان.
______________________________________________________
بالأمور المتعددة من حيث هي متعددة ، مختلفة عنوانا وأوصافا ، وإلّا لزم اجتماع الأضداد فيه ، مثلا : الحرارة لو كانت مرتبطة بالنار والماء من حيث هما نار وماء للزم اجتماع الحر والبرد فيها ، وهو محال عقلا ، فتعدد الشرط في المقام قرينة عقلية واضحة على أن الشرط في كل من الجملتين ليس مؤثرا في الجزاء بعنوانه الخاص المعين وهو خفاء الأذان وخفاء الجدران ، وإلا لزم أن يكون الشيء الواحد ـ وهو وجوب القصر ـ مرتبطا بالشيئين بما هما شيئان ، بل المؤثر فيه هو القدر الجامع بينهما ، وهو البعد الخاص عن محل السكنى ، وجعل الشارع المقدس خفاءهما علامة لذلك البعد الخاص تسهيلا على العباد ، فيكون كل منهما مصداقا لذلك.
ومرجع هذا الوجه إلى رفع اليد عن تأثير كل من الشرطين بعنوانه الخاص في الجزاء ، فيثبت الجزاء بأحدهما ، وينتفي بانتفائهما ، ويدلان على عدم دخل شيء في ثبوت الجزاء ، وهذا الوجه على عكس الوجه الأول حيث إن مرجع الوجه الأول إلى التصرف في الإطلاق العدلي ، ورفع اليد عنه مع انحفاظ خصوصية كل من الشرطين بعنوانه الخاص ، بخلاف هذا الوجه الرابع حيث يكون مرجعه إلى رفع اليد عن خصوصية كل من الشرطين ، وجعل الشرط ما يعمهما ويصدق عليهما ـ هذا تمام الكلام في الصور والاحتمالات بحسب مقام الثبوت ـ.
وأما بحسب مقام الإثبات : فقد أشار إلى استظهار ما هو مختاره فيه بقوله : «ولعل العرف يساعد على الوجه الثاني» أي : العرف يساعد الوجه الثاني وهو انتفاء المفهوم عند تعدد الشرط ، لأن الجملة الشرطية تكون ظاهرة في المفهوم لديهم إذا لم تكن هناك قرينة على الخلاف ، وذلك أن المفهوم ـ كما تقدم ـ تابع للخصوصية التي يدل عليها المنطوق ، وتلك الخصوصية لما كانت بالوضع أو بالإطلاق المتقوم بعدم البيان على خلافه.
ومن المعلوم : كون تعدد الشرط بيانا أو قرينة على المجاز ، فلا تدل القضية الشرطية مع تعدد الشرط ووحدة الجزاء على تلك الخصوصية حتى تدل على المفهوم ، فالنتيجة : أن العرف يساعد على رفع اليد عن المفهوم في كلتا القضيتين ، وعدم دلالتهما على المفهوم أصلا ، فانتفاء خفاء الأذان والجدران معا لا يدل على انتفاء سنخ الحكم ، لإمكان قيام شرط آخر لثبوت الجزاء.
وكيف كان ؛ فيساعد العرف على الوجه الثاني ، «كما أن العقل ربما يعيّن هذا الوجه» أي : الوجه الرابع وهو كون الشرط هو الجامع ، إذ الواحد كوجوب القصر لا يصدر إلا