.................................................................................................
______________________________________________________
٢ ـ هناك وجوه استدل بها على المفهوم :
الأول : دعوى تبادر اللزوم والترتب على العلة المنحصرة من الشرطية.
وحاصل الجواب عن هذه الدعوى : أن هذه الدعوى مع كثرة استعمالها في الترتب على العلة الغير المنحصرة بل في مطلق اللزوم بعيدة ؛ إذ كيف تصح هذه الدعوى مع كون الاستعمال في مطلق اللزوم والترتب على نحو العلة الغير المنحصرة والعلة المنحصرة على نهج واحد وليس استعمالها في مطلق اللزوم بالعناية والمجاز.
وعليه : فليس لها مفهوم في جميع موارد استعمالها ؛ بل لها مفهوم في بعض الموارد لوجود الأمور المقومة للمفهوم.
الثاني : ما أشار إليه بقوله : «وأما دعوى الدلالة بادعاء انصراف إطلاق العلاقة اللزومية إلى ما هو أكمل أفرادها» ، وهو اللزوم على نحو الترتب على العلة المنحصرة ؛ لأنه أكمل أفراد العلاقة اللزومية ، فيثبت المفهوم لأجل هذا اللزوم.
إلا إن هذه الدعوى فاسدة بوجوه :
١ ـ أن الموجب للانصراف المفيد للإطلاق هو أنس اللفظ بالمعنى الناشئ عن كثرة الاستعمال دون الأكملية.
٢ ـ أن الانصراف المزبور بعد تسليم كون الأكملية موجبة له ممنوع في خصوص المقام ، لانتفاء ما يعتبر في الانصراف من كون الفرد المنصرف إليه هو الغالب من حيث الاستعمال ، وليس الأمر في المقام كذلك.
٣ ـ منع أكملية اللزوم الثابت بين العلة المنحصرة ومعلولها ، من اللزوم بين العلة الغير منحصرة ومعلولها ..
وكيف كان ؛ فالانحصار لا يوجب أن يكون بين العلة المنحصرة ومعلولها أقوى من الربط بين العلة الغير المنحصرة ومعلولها.
الثالث : ما أشار إليه بقوله : «إن قلت : نعم ، ولكنه قضية الإطلاق بمقدمات الحكمة». تقريب هذا الوجه الثالث على المفهوم أن يقال : إن ما تقدم من عدم دلالة الشرطية بالوضع على انحصار العلة في الشرط وإن كان صحيحا إلّا إن مقتضى مقدمات الحكمة هو الانحصار ؛ إذ لو كان هناك شرط آخر لكان على المتكلم بيانه فيقول : بدل «إن جاءك زيد فأكرمه» : «إن جاءك زيد أو أرسل كتابا فأكرمه» ، فعدم بيان العدل مع كونه في مقام البيان يقتضي كون الشرط علة منحصرة ، فيستفاد المفهوم حينئذ من الإطلاق.