.................................................................................................
______________________________________________________
يحتاج إلى التصرفات المذكورة لو لم يكن فرض تعدد الفرض على خلاف إطلاق مادة الجزاء ، وأما لو كان على خلاف الإطلاق فالواجب هو التحفظ على الإطلاق ، والذهاب إلى ارتكاب إحدى التصرفات المذكورة ، فجعل متعلق الحكم في الجزاء الفرد خلاف الظاهر أيضا ؛ إذ ظاهر إطلاق مادة الجزاء هو : وجوب مطلق الوضوء ، لا وجوب وضوء آخر ، فهذا الاحتمال كالاحتمالات السابقة مما لا يصار إليه ، لكونه خلاف الظاهر.
وحاصل الجواب عنه : هو منع الإطلاق المذكور ، المقتضي لتعلق الحكم بطبيعة الجزاء ؛ لأن الإطلاق يتوقف على تمامية مقدمات الحكمة منها عدم ما يصلح للبيانية ، ومن المعلوم : كون ظهور الشرطية في حدوث الجزاء عند وجود الشرط المستلزم لتعدد أفراد الجزاء عند تعدد الشرط بيانا ، فيكون مانعا عن انعقاد الإطلاق الموجب لإرادة الطبيعة في الجزاء.
١٠ ـ ردّ ما نسب إلى الفخر وغيره ، من ابتناء القول بالتداخل على المعرفية وعدمه على المؤثرية ، بتقريب : أنه يجوز أن يكون لشيء واحد معرفات عديدة وعلامات متعددة ، ولا يجوز أن يكون لشيء واحد مؤثرات كثيرة ؛ لاستحالة توارد المؤثرين المستقلين على أثر واحد ، وعليه : فلا بد من الالتزام بالتداخل على المعرفية ، وبعدم التداخل بناء على المؤثرية.
وقد أفاد المصنف في ردّ كلام الفخر بما حاصله : أن كلام الفخر مخدوش بوجهين :
الأول : ما أشار إليه بقوله : «وقد انقدح مما ذكرناه أن المجدي للقول بالتداخل هو أحد الوجوه التي ذكرناها».
الثاني : ما أشار إليه بقوله : «مع إن الأسباب الشرعية حالها حال غيرها».
وخلاصة الكلام في الوجه الأول هو : أن مجرد معرفية الأسباب الشرعية لا تقتضي المصير إلى التداخل ؛ لإمكان معرفية الأسباب الشرعية المتعددة لأسباب حقيقية متعددة ، ويكفي في إرادة احتمال تعدد السبب الحقيقي من الأسباب الشرعية المتعددة : ظهور الشرطية في تعدد المسبب عند تعدد السبب ؛ إذ تعدد الكاشف مستلزم لتعدد المنكشف ، فحينئذ مجرد كون الأسباب الشرعية معرفات لا يوجب القول بالتداخل.
وأما خلاصة الوجه الثاني : فلأنه لا فرق بين السبب الشرعي والعرفي ، فإنهما قد يكونان كاشفين ، كما في قوله : «إذا لبس الأمير أصفر فاحذره ، وإذا أذّن المؤذن فصل» ،