الاحترازية لا توجب إلا تضييق دائرة موضوع الحكم في القضية ، مثل ما إذا كان بهذا الضيق بلفظ واحد (١) ، فلا فرق أن يقال : جئني بإنسان أو بحيوان ناطق ، كما أنه (٢) لا يلزم في حمل المطلق على المقيد ، فيما وجد شرائطه إلا ذلك (٣) ، من دون
______________________________________________________
انتفائه بانتفاء الموضوع ، لأن انتفاء حكم قيد الموضوع كانتفاء تمامه في ارتفاع شخص الحكم الثابت للموضوع ، وقد عرفت غير مرة : أن انتفاء شخص الحكم بعد انتفاء موضوعه يكون عقليا ، ولا يكون مرتبطا بالمفهوم ، لأن الحكم المنفي في المفهوم هو السنخ لا الشخص ، والمنفي بانتفاء القيد هو الشخص لا السنخ ، فانتفاء الحكم بانتفاء القيد يكون أجنبيا عن باب المفهوم.
(١) يعني : أن القيد يوجب تضييق دائرة موضوع الحكم ، مثل : ما إذا كان الضيق حاصلا من الأول بلفظ واحد ، مثل : «جئني بإنسان» بدل أن يقال : «جئني بحيوان ناطق» ، فإن قوله : «جئني بإنسان» الذي هو من قبيل اللقب المسلم عدم دلالته على المفهوم ، فلا فرق بين هذا التعبير المشتمل على لفظ واحد ، وبين التعبير المشتمل على لفظين كقوله : «جئني بحيوان ناطق» يعني : لا فرق بين التعبيرين في عدم الدلالة على المفهوم ، وفائدتهما : حصول ضيق دائرة الموضوع.
(٢) إشارة إلى ما نسب إلى الشيخ البهائي «قدسسره» من استدلاله على مفهوم الوصف بلزوم حمل المطلق على المقيد مع اتحاد الموجب ، كما إذا قيل : «إن ظاهرت فأعتق رقبة ، وإن ظاهرت فأعتق رقبة مؤمنة». وحاصل ما أفاده الشيخ البهائي : إنه لا ريب في وجوب حمل المطلق على المقيد في المثال المذكور ، كما لا ريب في أن ذلك ليس إلا من جهة التنافي والمعارضة بينهما ، وهي مبتنية على القول بالمفهوم ، ودلالة الوصف على الانتفاء عند الانتفاء ؛ إذ لو قال : «أعتق رقبة» كان مقتضاه : إجزاء كل رقبة وإن كانت كافرة ، وإذا قال : «أعتق رقبة مؤمنة» كان مفهومه : عدم إجزاء الرقبة الكافرة ، فلو لم يكن للوصف مفهوم لم يحصل التنافي الموجب لحمل المطلق على المقيد.
وقد أجاب المصنف «قدسسره» عن ذلك بقوله : «كما أنه لا يلزم في حمل المطلق على المقيد فيما وجد شرائطه» بأن يكون الموجب فيهما متحدا.
(٣) أي : لا يلزم من حمل المطلق على المقيد إلا التضييق المتقدم ، فيكون مفاد المطلق والمقيد معا وجوب الرقبة المؤمنة ، كما لو لم يكن مطلق في البين أصلا ، فيكون حاصلهما وجوب المقيد والسكوت عن المطلق «من دون حاجة فيه» أي : في هذا الحمل «إلى دلالته» أي : المقيد «على المفهوم» المستفاد من الوصف ، فالنتيجة هي : إن الحمل ليس من باب مفهوم الوصف حتى ينافي قولهم بعدم المفهوم.