نظرا إلى النهي السابق ، مع ما فيه من لزوم اتصاف فعل واحد بعنوان واحد بالوجوب والحرمة. ولا يرتفع غائلته باختلاف زمان التحريم والإيجاب قبل الدخول وبعده كما في الفصول (*) مع اتحاد زمان الفعل المتعلق لهما ، وإنّما المفيد اختلاف زمانه ولو مع اتحاد زمانهما.
______________________________________________________
أمّا الوجه الثاني : فحاصله : أنّ لازم هذا القول اجتماع الضدّين ـ وهما الوجوب والحرمة ـ في فعل واحد بعنوان واحد ، حيث إن الخروج حرام لكونه تصرّفا في مال الغير بدون إذنه ، وواجب لكونه كذلك مقدمة للتخلّص الواجب ، فيلزم أن يكون الخروج مع وحدة عنوانه حراما وواجبا.
وما تشبث به الفصول في دفع التضاد باختلاف زمان الحرمة والوجوب وأنّ الحرمة كانت في السابق والأمر به يكون في اللاحق مما لا يجدي مع اتحاد زمان الفعل وموطنه ؛ إذ التضاد يلزم مع وحدة زمان الفعل ، نظير قولك في يوم الأربعاء : أكرم زيدا يوم الجمعة ، وقولك في يوم الخميس : لا تكرم زيدا يوم الجمعة ، فهما متناقضان من حيث وحدة زمان الفعل.
وإن كان زمان الإيجاب والتحريم متعددا : فالمجدي لدفع التناقض والتضاد هو تعدد زمان الفعل لا تعدد زمان الإيجاب والتحريم مع وحدة زمان الفعل.
وكيف كان ؛ فقوله : «ولا يرتفع غائلته باختلاف زمان التحريم والإيجاب» : إشارة إلى ما تفطنه صاحب الفصول من اجتماع الضدين ، ولكن دفعه باختلاف زمان التحريم ـ وهو ما قبل الدخول في المغصوب ـ وزمان الإيجاب وهو ما بعد الدخول ، فلا يلزم اجتماع الضدين المحال ؛ لأنّ المستحيل هو اجتماعهما في زمان واحد وهو مفقود هنا.
وقد أفاد المصنف في ردّه بما حاصله : من إنّ اختلاف زماني الإيجاب والتحريم لا يجدي في ارتفاع غائلة اجتماعهما ما لم يختلف زمان الفعل المتعلق لهما ، كما إذا قال في زمان واحد : أكرم زيدا يوم الجمعة ولا تكرم زيدا يوم السبت ، فإنّه ممّا لا إشكال فيه مع وحدة زمان إنشاء الإيجاب والتحريم ، وأمّا إذا قال يوم الأربعاء : أكرم زيدا يوم الجمعة ، وقال في يوم الخميس : لا تكرم زيدا يوم الجمعة فلا إشكال في عدم الصحة ؛ للزوم اجتماع الحكمين مع اختلاف زمان إنشائهما ، فالمدار في ارتفاع غائلة الاجتماع إنما هو على اختلاف زمان المتعلق للحكمين لا اختلاف زمان إنشائهما.
قوله : «كيف؟» يعني : كيف يرتفع غائلة الاجتماع باختلاف زماني الإيجاب
__________________
(*) الفصول الغروية ، ص ١٣ ، س ٢٦.