.................................................................................................
______________________________________________________
الثانية : في أنها هل هي بالوضع أو العقل؟ وجهان : ظاهر المصنف «قدسسره» هو الثاني ؛ بتقريب : أن كلمة «ما» النافية موضوعة للنفي ، واسم الجنس كلفظ «رجل» مثلا موضوع لنفس الطبيعة لا بشرط ـ على ما حققه سلطان العلماء «قدسسره» ـ ولا وضع لمجموع الكلمتين على حدة ؛ ولكن لمّا كان انتفاء الطبيعة حاصلا بانتفاء جميع وجوداتها ـ وإلا لم يصدق عليها أنها معدومة ـ يحكم بالعموم عقلا. هذا معنى دلالة النكرة في سياق النفي على العموم.
إلّا إن هذه الدلالة مشروطة بأن تكون الطبيعة مطلقة حتى يكون نفيها منوطا بانتفاء جميع أفرادها ؛ إذ لو كانت الطبيعة المنفية أو المنهي عنها مقيدة لم يقتض دخول النفي عليها عموم النفي لأفراد الطبيعة المطلقة ؛ بل يقتضي عموم نفي ذلك المقدار المقيّد فقط.
وكذا إذا كانت الطبيعة مهملة ، فإن نفيها كنفسها مهمل ، فيكون متردّدا بين السعة والضيق ، ولا يتعين نفي أحدهما ـ أعني : جميع أفراد المطلقة أو المقيدة ـ إلا بالقرينة. ثم إحراز إرسال الطبيعة وإطلاقها إنما هو بمقدمات الحكمة ، فلولاها كانت مهملة ، وهي في قوة الجزئية ، فلا تفيد إلا نفي الطبيعة في الجملة ؛ ولو في ضمن صنف منها.
هذا ما أشار إليه المصنف في هامش الكتاب حيث قال : «وإحراز الإرسال فيما أضيفت إليه إنما هو بمقدمات الحكمة ، فلولاها كانت مهملة ، وهي ليست إلا بحكم الجزئية ، فلا تفيد إلا نفي هذه الطبيعة في الجملة ولو في ضمن صنف منها». انتهى مورد الحاجة.
وقد أشار إلى أمرين ؛ أحدهما : تقييد الطبيعة بالإرسال ، والآخر : طريق إحراز الإرسال وهو مقدمات الحكمة ، حيث إنها تثبت إطلاق الطبيعة ، فحينئذ يكون نفيها عاما لجميع أفراد الطبيعة المطلقة.
فالمتحصل : أن الطبيعة الواقعة في سياق النفي على ثلاثة أقسام :
١ ـ الطبيعة المطلقة أي : التي تمت فيها مقدمات الإطلاق ، فلا شك في إفادة هذا القسم العموم.
٢ ـ الطبيعة المقيّدة : وهذا القسم يفيد العموم بالنسبة إلى مورد القيد.