والأقل والأكثر ، فلا تغفل (١).
______________________________________________________
نعم ؛ لا يجوز التمسك بالعام فيما إذا كان المخصص متصلا لكونه مانعا عن انعقاد ظهور له من الأول.
(١) الظاهر : أنه إشارة إلى دفع ما يتوهم من عدم الفرق بين المتصل والمنفصل تارة ، وبين المتباينين والأقل والأكثر أخرى.
أما عدم الفرق بين المتصل والمنفصل : فلأن المخصص المنفصل في نحو : «لا تكرم فساق العلماء» وإن لم يكن رافعا لظهور العام ـ أعني : «أكرم العلماء» ـ إلّا إنه يقيد المراد الواقعي بغير الفاسق ، بحيث يصير موضوع وجوب الإكرام : العالم غير الفاسق ، فإذا كان مفهوم الفاسق مرددا بين الأقل والأكثر ـ كما هو المفروض ـ فلا محالة يصير من يجب إكرامه من العلماء بحسب المراد الواقعي مرددا بين الأقل والأكثر أيضا ، فلا يجوز التمسك بأكرم العلماء لوجوب إكرام الأفراد التي لا يعلم فسقها وعدالتها ، فلا فرق في عدم جواز التمسك بالعام بين الخاص المتصل والمنفصل ، إذ المدار في جواز التمسك بكل دليل على إحراز موضوعه وبدونه لا يجوز ذلك قطعا.
وأما عدم الفرق بين الخاص المردد بين المتباينين ، وبين الخاص المردد بين الأقل والأكثر : فلأن الأصول اللفظية لمّا كان اعتبارها لكشفها عن المرادات الواقعية ، ومع دوران الخاص بين الأقل والأكثر ، لا تكون أصالة العموم التي هي من تلك الأصول كاشفة عن كون الأكثر محكوما بحكم العام ، فلا محالة يكون الأكثر موردا للأصول العملية. وعليه : فوزان الأقل والأكثر وزان المتباينين في عدم جواز الرجوع إلى العام في إحراز الحكم ، بل المرجع فيه الأصول العملية.
لكنك خبير باندفاع كلا التوهمين :
أما الأول : فبأن دليل العام يشمل كل فرد من أفراد الموضوع ، وإطلاقه الأحوالي يعم كل زمان وزماني يمكن أن يكون قيدا له. فمثل : «أكرم العلماء» يشمل كل فرد من أفراد العلماء ، ويدفع احتمال كل ما يصلح لأن يكون قيدا له ، ولا نرفع اليد عن هذا الإطلاق الأحوالي إلا بالمقدار الذي علم بشمول دليل الخاص له ؛ إذ ليس دليل المخصص بمفهومه مقيدا لدليل العام حتى يسري إجماله إليه ، ويصير المراد من العام مجملا : بل المقيد بمفهومه الحاكي عن الحقيقة يقيّد الإطلاق.
فالنتيجة : أن الإطلاق محكم في غير ما علم تقييد المراد الواقعي بالنسبة إليه ، ففي مثل : «لا تكرم فساق العلماء» إذا أجمل مفهوم الفاسق لا نرفع اليد عن العلماء إلا بالنسبة إلى مرتكب الكبيرة ، فمرتكب الصغيرة داخل في العام فيجب إكرامه. ولا يقدح