فبذلك يحكم عليه بحكم العام وإن لم يجز التمسك به بلا كلام ، ضرورة : أنّه قلّما لا يوجد عنوان يجري فيه أصل ينقّح به أنه مما بقي تحته ، مثلا : إذا شكّ أن امرأة
______________________________________________________
النعتيين تارة ، وبمفادي كان الناقصة وليس الناقصة أخرى.
٢ ـ الوجود والعدم النعتيين يحتاجان في تحققهما إلى وجود موضوع محقق في الخارج ، ويستحيل تحققهما بدونه ؛ وذلك لأن ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له. هذا بخلاف الوجود والعدم المحموليين فإنهما لا يحتاجان إلى وجود موضوع محقق في الخارج قبل تحققهما ، غاية الأمر : يحتاج الوجود المحمولي إلى وجود العلة وعدمه إلى عدمها.
٣ ـ إنه يمكن ارتفاع الوجود والعدم النعتيين بارتفاع موضوعهما ؛ من دون لزوم ارتفاع النقيضين المستحيل ذاتا ، هذا بخلاف الوجود والعدم المحموليين حيث لا يمكن ارتفاعهما معا ، فإنه من ارتفاع النقيضين. والوجه في إمكان ارتفاع الوجود والعدم النعتيين بارتفاع موضوعهما : أن الشيء قبل وجوده لا يكون متصفا بوجود الصفة ولا بعدمها ؛ لأن الاتصاف فرع وجود المتصف. هذا معنى ارتفاعهما بارتفاع موضوعهما. هذا بخلاف الوجود والعدم المحموليين حيث يكون ارتفاعهما مستلزما لارتفاع النقيضين المستحيل ذاتا.
إذا عرفت هذه الأمور : فاعلم : أن استصحاب العدم الأزلي إنما يتم بناء على أخذ عدم الخاص في موضوع الحكم بنحو العدم المحمولي الراجع إلى فرض موضوع الحكم مركبا من جزءين أحدهما عنوان العام والآخر عدم عنوان الخاص ؛ بأن يؤخذ عدم الخاص بما هو مفاد ليس التامة جزءا للموضوع فيقال : إن أحد الجزءين وهو الجزء الوجودي أعني : عنوان العام محرز بالوجدان ، والجزء الآخر وهو الجزء العدمي أعني : عدم الخاص محرز بالأصل ، فيحرز بهذا الأصل دخول الفرد المشكوك في العام ، ويحكم عليه بحكم العام.
وأما بناء على أخذ عدم الخاص في موضوع الحكم بنحو العدم النعتي الراجع إلى فرض الموضوع ، وهو العام المتصف بعدم الخاص ؛ بأن يكون عدم الخاص مأخوذا بما هو مفاد ليس الناقصة : فلا يتم إثبات العدم النعتي باستصحاب العدم الأزلي ؛ وذلك لعدم حالة سابقة له ، وذلك لعدم اتصاف الذات بعدم الخاص ؛ لأنها حين توجد توجد إمّا متصفة به أو بعدمه. ولذا قال المصنف : «فلا أصل يحرز أنها قرشية» ، يعني : لا يجري الأصل في العدم النعتي لعدم الحالة السابقة له. إذ لم يكن زمان وجدت فيه المرأة لا قرشية ولا غير قرشية حتى يستصحب.